للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المؤمنين، فقال المخلصون منهم: إن أمير المؤمنين - عليه السلام - عبد الله ووليه ووصي رسول الله صلى الله عليه وآله، وقال بعضهم: بل هو النبي صلى الله عليه وآله، وقال بعضهم: بل هو الرب، وهو عبد الله بن سبأ وأصحابه».

- ويقول النوبختي (ت. ٣١٠هـ) (١): «فلما قُتل علي - عليه السلام - افترقت الأمة التي أثبتت له الإمامة من الله ورسوله فرضًا واجبًا فصاروا فرقًا ثلاثة: فرقة منها قالت: إن عليًا لم يُقتل ولم يمت ولا يموت حتى يسوق العرب بعصاه ويملأ الأرض عدلًا وقسطًا كما ملئت ظلمًا وجورًا، فهي أول فرقة قالت في الإسلام بالوقف بعد النبي صلى الله عليه وآله من هذه الأمة، وأول من قال منها بالغلو. وهذه الفرقة تسمى (السبأية) أصحاب عبد الله بن سبأ، وكان أظهر الطعن على أبي بكر وعمر وعثمان والصحابة وتبرأ منهم، وقال إن عليًا - عليه السلام - أمره بذلك، فأخذه علي فسأله عن قوله هذا فأقر به، فأمر بقتله، فصاح الناس إليه: يا أمير المؤمنين! أتقتل رجلًا يدعو إلى حبكم أهل البيت، وإلى ولايتك والبراءة من أعدائك؟ فسيَّره إلى المدائن. وحكى جماعة من أهل العلم أن عبد الله بن سبأ كان يهوديًا فأسلم ووالى عليًا وكان يقول وهو على يهوديته في يوشع بن نون بعد موسى - عليه السلام - بهذه المقالة، فقال في إسلامه في علي بن أبي طالب بمثل ذلك، وهو أول من شهر القول بفرض إمامة علي - عليه السلام - وأظهر البراءة من أعدائه، وكاشف مخالفيه وأكفرهم، فمن هاهنا قال من خالف الشيعة: إن أصل الرفض مأخوذ من اليهودية».

- ويقول ابن أبي الحديد الرافضي المعتزلي (ت. ٦٥٦هـ) (٢): «وأول من جهر بالغلو في أيامه عبد الله بن سبأ»، ويقول أيضًا (٣): «فلما قُتل أمير المؤمنين - عليه السلام - أظهر مقالته


(١) الحسن بن موسى النوبختي: فرق الشيعة، ص (٣٢ - ٣).
(٢) ابن أبي الحديد: شرح نهج البلاغة (٥/ ٥) باب ذكر الخبر عند ظهور الغلاة.
(٣) السابق (٥/ ٧). يقول محمود شكري الألوسي رحمه الله: «قال الجد قدَّس الله روحه [وهو الشهاب محمود الألوسي (١٢١٧ - ١٢٧٠هـ) صاحب تفسير (روح المعاني)]: وعندي أن ابن أبي الحديد في بعض عباراته - وكان يتلون تلون الحرباء - كان من هذه الفرقة - أي الشيعة الغلاة القائلين بألوهية علي - رضي الله عنه -، وكم له في قصائده السبع الشهيرة من هذيان، كقوله يمدح أمير المؤمنين - رضي الله عنه -: "ألا إنما الإسلام لولا حسامه كعطفة عنز أو قلامة ظافر"، وقوله أيضًا: "يجل عن الأعراض والأين والمتى ويكبر عن تشبيهه بالعناصر)». يقول محب الدين الخطيب تعليقًا: «وأصرح من ذلك في شرك ابن أبي الحديد ووثنيته، قوله يخاطب عليًا - رضي الله عنه -: تقيلتَ أخلاق الربوبية التي عذرت بها من شك أنك مربوب» اهـ[محمود شكري الألوسي: مختصر التحفة الاثني عشرية، ص (٩ - ١٠)].

<<  <   >  >>