للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جئتنا بدماغه في سبعين صرة، وأقمت على قتله سبعين عدلًا ما صدقناك، ولعلمنا أنه لم يمت ولم يقتل، وأنه لا يموت حتى يسوق العرب بعصاه ويملك الأرض. ثم مضى وأصحابه من يومهم حتى أناخوا بباب علي، فاستأذنوا عليه استئذان الواثق بحياته، الطامع في الوصول إليه، فقال لهم من حضره من أهله وأصحابه وولده: سبحان الله! أما علمتم أن أمير المؤمنين قد استشهد؟ قالوا: إنا لنعلم أنه لم يقتل، ولا يموت حتى يسوق العرب بسيفه وسوطه، كما قادهم بحجته وبرهانه، وإنه ليسمع النجوى ويلمع في الظلام كما يلمع السيف الصقيل الحسام!».

وكذا قال الشهرستاني (٤٧٩ - ٥٤٨هـ) (١): «إنما أظهر عبد الله بن سبأ هذه المقالة بعد انتقال علي - رضي الله عنه - واجتمعت عليه جماعة» اهـ.

ولقد حاربهم الحسن - رضي الله عنه - وحارب أفكارهم وعقائدهم، ولكن - والقول لإحسان إلهي ظهير رحمه الله (١٩٤١ - ١٩٨٧م) - (٢) «لم يكن محاربته إياهم مثل محاربة أبيه، فبدأ السبئية يزرعون بذور الفتنة والفساد، ويبثون سموم الخلاف والشقاق والفرقة بكل حرية وانطلاقة».

ولقد كان حكم الحسن - رضي الله عنه - لمدة ستة أشهر، ثم تنازل لمعاوية - رضي الله عنه - بالخلافة، حقنًا لدماء المسلمين وإخمادًا لنار الفتنة، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الحسن: «ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين» (٣).

قال ابن كثير (٤): «فانتهى الحال إلى أن خلع الحسن نفسه من الخلافة وسلم الملك إلى معاوية بن أبي سفيان، وكان ذلك في ربيع الأول من هذه السنة ٤١هـ، ودخل معاوية إلى الكوفة فخطب الناس خطبة بليغة بعدما بايعه الناس. واستوثقت له الممالك شرقًا وغربًا، وبعدًا وقربًا، وسمي هذا العام عام الجماعة لاجتماع الكلمة فيه على أمير واحد


(١) عبد الكريم الشهرستاني: المِلَل والنِحَل (١/ ١٧٤).
(٢) إحسان إلهي ظهير: الشيعة والتشيع، ص (١٥٠).
(٣) رواه البخاري، كتاب الصلح: ٢٧٠٤
(٤) ابن كثير: البداية والنهاية (٨/ ٢١).

<<  <   >  >>