للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جعفر - عليه السلام - ما لم يكن يعرف له، كما بدا له في موسى بعد مضي إسماعيل ما كشف به عن حاله، وهو كما حدثتك نفسك وإن كره المبطلون، وأبو محمد ابني الخلف من بعدي، عنده علم ما يحتاج إليه ومعه آلة الإمامة» (١). ولذلك تجدهم عند زيارة مرقد الإمامين العاشر والحادي عشر يرددون: «السلام عليكما يا من بدا لله في شأنكما»! (٢).

- توفي الإمام الحادي عشر الحسن بن علي العسكري ولم يكن له ولد أصلًا، فروى الكليني حكاية طويلة مملة مفادها أنه لما مرض الحسن العسكري ومات، أخذ السلطان والناس يبحثون عن ولد له فلم يجدوا، وكانوا يشكُّون في جارية من جواريه أنها حامل، فلما تبين بطلان الحمل، قُسِّم الميراث بين أمه وأخيه (٣). إذن فمحمد بن الحسن (الإمام الثاني عشر) مهديهم المنتظر، شخصية خيالية لا وجود لها! (٤).


(١) السابق (١/ ٣٢٧).
(٢) انظر، المفيد: المزار، ص (٢٠٣)، باب مختصر فضل زيارة السيدين أبي الحسن علي بن محمد وأبي محمد الحسن بن علي العسكري - عليه السلام -.
(٣) الكليني: الأصول من الكافي (١/ ٥٠٥).
(٤) علمًا بأن مهدي الشيعة المزعوم - بفرض وجوده - فاسمه محمد بن الحسن العسكري، وهو من ذرية الحسين بن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، في حين أنه، وكما يذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «الأحاديث التي يحتج بها على خروج المهدي أحاديث صحيحة رواها أبو داود والترمذي وأحمد وغيرهم من حديث ابن مسعود وغيره، كقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي رواه ابن مسعود: "لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يخرج فيه رجل مني أو من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي، واسم أبيه اسم أبي، يملأ الأرض قسطًا وعدلًا كما ملئت جورًا وظلمًا"، ورواه الترمذي وأبو داود من رواية أم سلمة وأيضًا فيه: "المهدي من عترتي من ولد فاطمة"، ورواه أبو داود من طريق أبي سعيد وفيه: "يملك الأرض سبع سنين"، ورواه عن علي - رضي الله عنه - أنه نظر إلى الحسن وقال: "إن ابني هذا سيد كما سماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم يشبهه في الخُلُقِ ولا يشبهه في الخَلْقِ يملأ الأرض قسطًا"» اهـ[ابن تيمية: منهاج السنة (٨/ ٢٥٥ - ٦)] .. وفي كونه من ولد الحسن سر لطيف، وهو أن الحسن - رضي الله عنه - ترك الخلافة لله فجعل الله من ولده من يقوم بالخلافة بالحق المتضمن للعدل الذي يملأ الأرض، هذه سنة الله في عباده، أن من ترك لأجله شيئًا أعطاه الله وأعطى ذريته أفضل منه، والله أعلم [انظر، صالح الفوزان: الإرشاد، ص (١٨٦)]. ولهذا الفضل ولهذا الشرف، لما أكثر الناس في ادعاء المهدية، سأل حفص بن غياث (ت. ١٩٤هـ) الإمام سفيان الثوري (ت. ١٦١هـ) فقال له: «يا أبا عبد الله، إن الناس قد أكثروا في المهديِّ، فما تقول فيه؟ قال: إن مر على بابك، فلا تكن منه في شيء، حتى يجتمع الناس عليه» اهـ[انظر: حلية الأولياء، لأبي نعيم (٧/ ٣١)].

<<  <   >  >>