للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عودة إلى البدء ..

فهذا كان خبر المستوى الأول (الإسلامي-الكتابي)، أما عن المستوى الثاني (السنِّي-الشيعي)، تحديدًا الرافضي الاثني عشري:

ففيما يتعلق بموجبات التعايش السلمي، فهذا يمكن الاستدلال عليه مما أصَّلناه فيما سبق، فلا نطيل المقام بإعادة ذكره. ولكن فيما اشترطناه حول ما يتعلق بضرورة (الوعي بأيديولوچية المخالف)، فهنا موضع البحث ..

فإن مما يجعل الأمر يبدو مشكلًا، تعداد القوم في دائرة الفرق الإسلامية (١)، مما أغرى البعض إلى المبالغة في تبسيط المسألة إلى الحد الذي نتج عنه عدم الانضباط في إطلاق الأحكام، وتنزيل العام على الخاص والعكس. أضف إلى ذلك براعة القوم في (فن التلون الحربائي)، والذي ما سلكوا طريقه إلا ابتغاء مرضات الله؛ فالتقية دينهم ودين آبائهم، كما يفترون القول على الإمام جعفر الصادق رحمه الله تعالى ورضي عنه (٨٣ - ١٤٨هـ) (٢)، بل وتاركها كتارك الصلاة، كما يضعون الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -!! (٣) .. فتقنُّع القوم بقناع التقية في محاولة لستر قبيح ما تحويه أسفارهم، والتي «لا يصل الكيد الاستشراقي والتبشيري إلى مستوى ما وصلت إليه من محاولات لتغيير دين الله وشرعه باسم الإسلام، بل إن الاستشراق والتبشير من معينها يرتوي وعلى شبهاتها وأساطيرها يعتمد في إفساده وتآمره على الدين وأهله» (٤)، فهذا الأمر مع ما يقابله من حالة فجة من الكسل الفكري وفقر التتبُّع لدى قطاع عريض من أهل السنة، مع عدم اعتبار بما هو تاريخي - كما قال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - «استدل على ما لم يكن بما قد كان فإن الأمور أشباه» (٥)

- بل والركون إلى هذه الحالة المؤقتة من (التَّعَلْمُن الجزئي) لدى العامة، قد أدى بالبعض إلى التغني بالحاجة إلى الوقوف على كلمة سواء والإعراض عما


(١) وهو اجتهاد سائغ عند أهل السنة.
(٢) انظر، محمد بن يعقوب الكليني: الأصول من الكافي (٢/ ٢١٩)، قوله: «قال أبو جعفر - عليه السلام -: التقية من ديني ودين أبائى ولا إيمان لمن لا تقية له».
(٣) انظر، تاج الدين الشعيري: جامع الأخبار، ص (٩٥)، الفصل الثالث والخمسون: (في التقية)، قوله: «وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: تارك التقية كتارك الصلاة».
(٤) د. ناصر القفاري: مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة (٢/ ٢٧٧).
(٥) انظر، علاء الدين المتقي الهندي (٨٨٨ - ٩٧٥هـ): كنز العمال (١٦/ ١٨٠) ..

<<  <   >  >>