للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولكن نقصوها وحرفوها» (١)، فهل نفيهم لهذه الفرية يحمل على أنه تقية كما قال الجزائري (٢): «والظاهر أن هذا القول إنما صدر منهم لأجل مصالح كثيرة، منها سد باب الطعن عليها بأنه إذا جاز هذا في القرآن فكيف جاز العمل بقواعده وأحكامه مع جواز لحوق التحريف لها»، أم أن مثل هذه النصوص هي من آثار الدس والزيادة على كتبهم، لا سيما وهو أمر ميسور عندهم؟

ولقد أجاب الدكتور ناصر القفاري بقوله (٣): «إن مسألة التقية من أماراتها التناقض والاختلاف، ولكن التناقض صار قاعدة مطردة في رواياتهم، بل وجد مثل ذلك في إجماعاتهم، كما وجد في كلام شيوخهم، وأصبح معرفة حقيقة المذهب ليست متيسرة حتى على شيوخهم الذين لا يجدون دليلًا على التمييز بين ما هو تقية وما هو حقيقة إلا بالاستناد إلى أصل وضعه زنديق ملحد وهو قولهم: "إذا ورد عليكم حديثان مختلفان فخذوا بما خالف القوم" (٤)، يعني أهل السنة، فأوشك أن ينتهي بهم هذا المذهب إلى مفارقة الدين رأسًا. وعليه فإن قضية الاختلاف هي ظاهرة طبيعية لكل دين ليس من شرع الله {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا} (٥): فهو (٦) حينما ينقل رواياتهم في كتبه فمن الطبيعي وجود مثل هذا الاختلاف، وبالتالي فإنه لا يدين الرجل إدانة أكيدة بعد إنكاره ولا سيما أن العبرة بالنسبة لبيان مذهبه بما رأى لا بما روى ...»، إلى أن قال (٧): «فإذا كان هذا أمر شيوخهم لا يكادون يقفون على حقيقة مذهب أئمتهم وشيوخهم القدامى بسبب أمر التقية فنحن أعذر في عدم الوصول إلى نتيجة جازمة يقينية» اهـ.


(١) ابن بابويه القمي: ثواب الأعمال وعقاب الأعمال، ص (١١٠).
(٢) نعمة الله الجزائري: الأنوار النعمانية (٢/ ٣٥٨).
(٣) د. ناصر القفاري: أصول مذهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية (١/ ٢٩٠).
(٤) المجلسي: بحار الأنوار (٢/ ٢٣٥).
(٥) النساء: ٨٢
(٦) والكلام هنا في سياق حديثه عن أبي جعفر الطوسي وإنكاره للتحريف.
(٧) د. ناصر القفاري: أصول مذهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية (١/ ٢٩٢).

<<  <   >  >>