للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حدث فهو مبني على المجاملة وغير مأمون العاقبة، بمعنى أن الغدر والخيانة هي عاقبته كما يعترف هذا الرافضي (١).

وعقَّب الشيخ رشيد رضا [١٢٨٢ - ١٣٥٤هـ/١٨٦٥ - ١٩٣٥م] على رأي الشيعي هذا بأن تاريخ الشيعة مع أهل السنة يؤيده، فهو تاريخ حافل بالغدر والخيانة وممالأة الأعداء ومناصرتهم ضد أهل السنة (٢).

وقد اهتم الشيخ محمد رشيد رضا برأي (السالف الذكر) والذي لا يرى تقاربًا بأي شكل من الأشكال إلا بنزول السنة على مذهب الشيعة، وطلب من مجتهدي الشيعة أن يعلنوا رأيهم صريحًا في هذا الأمر - أي في تصريحات عبد الحسين نور الدين العاملي - على صفحات مجلة (المنار)، أو في مجلتهم العرفان فلم يجيبوه، وكأن ذلك إقرار منهم بما فيه (٣).

ولما التقى بمجتهدهم الأكبر محمد حسين آل كاشف الغطاء [١٢٩٤ - ١٣٧٣هـ] في


(١) قال: «وليت شعري كيف يمكن الاتفاق بين هاتين الطائفتين قبل دفع سبب الخلاف. إن الشيعة من المسلمين يرون أن من أرسى قواعد الإسلام وأقوى دعائمه موالاة أهل البيت والاهتداء بهديهم والعمل برأيهم وحديثهم، وأن المنحرف عنهم، النابذ لحديثهم، المهتدي بخلاف هديهم غير متبع سبيل المؤمنين، ويرون أن أبناء السنة من المسلمين منحرفون عنهم بنبذهم علمهم وحديثهم وإعراضهم عن مذهبهم فهم على غير سبيل المؤمنين. وإن المسلمين من أهل السنة يرون أن أرسى قواعد الإسلام وأوثق عراه موالاة أصحاب رسول الله جميعهم والعمل بكل ما حدَّثوا به، لأنهم حملة الدين وحفظة الوحي ومبلغوه إلى الأمم، فالمنحرف عنهم التارك لحديثهم غير متبع سبيل المؤمنين، ويرون أن الشيعة منحرفون عن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لتركهم حديثهم وانقطاعهم إلى أهل البيت، فهم على غير سبيل المؤمنين .. فعلى هذا كيف يشترك المتمسكون بالدين منهما بالعمل بإخلاص ونصح ما لم يقع التفاهم بينهم؟ فلو أن شخصين متعاديين سارا في طريق واحدة لم يُجْدِهما نفعًا إظهارهما المجاملة، وقول كل واحد منهما لصاحبه: دع العداء بيننا جانبًا، وهلم فلنكن يدًا واحدة على من سوانا؛ فإن ذلك غير مستطاع لهما، واعتمادهما في التعاون على ما أظهراه من المجاملة والاتفاق غرور وأمانٍ باطلة، فلو ظفر بهما عدو لهما على هذا الحال، ثم استعان بكل واحد منهما على صاحبه لأعانه» اهـ. [السابق].
(٢) قال: «إن هذا رأي لم نسمعه من غيره؛ ولكن سيرة الشيعة وتاريخها قد يؤيده ويدل عليه، وإنه لأصرح رجل عرفته فيهم؛ ولذلك كبرت منزلته في نفسي على ما أعتقد من خطئه وأغلاطه» اهـ. [السابق (٣٢/ ٧٢)].
(٣) السابق (٣٢/ ٢٣٢).

<<  <   >  >>