العلوم الطبيعية العربية، سيكون لحلّها أثره على بقية مجالات العلوم عند العرب. فلو سلم بصحة المجموع وبتاريخه المروي وهو القرن الثاني/ الثامن، لاقتضى ذلك أن تحظى معلوماته كلها المتعلقة بالمصادر والمؤلفات والنشاط العلمي في زمنه والزمن الذي سبقه، بالأهمية التي تستحقها.
ولهذه الأسباب نمحّص في هذا الباب ما جمعه كراوس من مواد وكذلك حججه وأفكاره المتعلقة بقضية جابر (انظر بعده ص ٢٥٠ وما يليها).فنصل كما سبق وألمحنا إليه، إلى نتيجة مغايرة، فنحن مضطرون- ليس بسبب عدم صمود حجج ونظريات كراوس أمام التمحيص فحسب، بل بناء على نتائج أخرى لدراساتنا الخاصة على مجموع جابر- إلى افتراض أن هذه الأعمال قد ألفت في القرن الثاني/ الثامن وأنها لا يمكن أن تكون قد ألّفت سوى في القرن الثاني/ الثامن وليس بعده.
كذلك فإن أهمية الكتب المنسوبة إلى العلماء القدامى والمحفوظ معظمها باللغة العربية، تتوقف على زمن نشأة مجموع جابر أيضا، وسنتحدث عن دورها في تاريخ العلم العربي وزمن نشأته بشكل عام، في موضعين (المجلد الخامس من gas وص ٣٣ من كتابنا هذا حيث الكلام عن الكتب الهرمسية العربية)، ويناقش دورها في الكيمياء بوجه خاص في بحث مصادر جابر (ص ٢٢١، وما يليها) ونورد في هذا الكتاب أسماء الكتب المزيفة التي وصلت إلينا باللغة العربية. ولقد رتبت ترتيبا ذاتيّا إلى درجة ما، ولم ترتب وفقا لقدم الاسم المستعار، بل حسب زمن نشأتها المظنون.
ويبدو حسب الانطباع الذي تولد لدينا إلى الآن أن قسما من الكتب الكيميائية المزيفة المحفوظة باللغة العربية- وبعضها معروف في الرواية اليونانية- قد نشأ قبل زوسيموس) zosimos القرن الرابع الميلادي). لكن من المرجح أن تلك الكتب المزيفة التي ترجع في نشأتها إلى القرنين الأخيرين قبل ظهور الإسلام والتي يمكننا اعتبارها من أهم مصادر الكيمياء العربية قد كان لها تأثير أكبر من ذلك. وتنسب أهم تلك الكتب إلى بليناس (أبولونيوس التياني) وأرسطوطاليس وأفلاطون وسقراط وفرفريوس. والظاهر أن النظريات المميزة لكيمياء جابر- كنظرية الميزان ونظرية التوليد وتدبير الإكسير من مواد