للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تحصل في الجسم، ما دام في وضع يدبر فيه، كلا على حدة، الأصول والكيفيات التي تعمل بها الطبيعة. كما يصبح في وضع يمكنه من تدبير أجسام جديدة، وبخاصة أكاسير مختلفة تفعل في المعادن (١).

«وما الصور المختلفة للأكاسير إلا مزائج تجانست قليلا أو كثيرا، مع الطبائع الأربع أو مع الخواص الأربع، مزائج تتفق مع تركيب الأجسام التياستعملت عليها.

وها هوذا تحديد عمل الإكسير كما بيّنه جابر نفسه في كتبه السبعين: إن الأصول الأربعة العاملة في الأجسام من الأجناس الثلاثة، المؤثرة فيها والمحددة لصبغها هي: النار والماء والهواء والأرض، وفي الواقع ليس هناك فعل لواحد من هذه الثلاثة الأجناس إلا بتلك العناصر الأربعة، ولهذا، كان معوّلنا في هذه الصناعة على تدبير هذه العناصر، نقوي ضعيفها ونضعّف قويها ونصلح فاسدها. فمن وصل إلى عمل هذه العناصر الأربعة في هذه الثلاثة الأجناس، فقد وصل إلى كل علم وأدرك علم الخليقة وصنعة الطبيعة (٢)».

«أما فيما يتعلق بتركيب المادة، فيمثل جابر الفكرة الأرسطوطاليسية بالعناصر الأربعة: النار والماء والهواء والتراب وإن كان استنتاجه مختلفا عن استنتاج أرسطوطاليس، فهو يفترض (موافقا لأرسطوطاليس) وجود خواص أربع أو طبائع هي:

الحرارة والبرودة واليبوسة والرطوبة. يتشكل لدى اتحاد الطبائع مع مادة ما، مركبات من الدرجة الأولى هي حار، بارد، يابس، رطب. أما إذا اتحدت اثنتان من هذه:

فتنشأ النار مثلا: من حار ويابس وجوهر، وينشأ الهواء من حار ورطب وجوهر، والماء من بارد ورطب وجوهر، والأرض من بارد ويابس وجوهر. وللمعادن طبعان ظاهران وطبعان باطنان .... يقول جابر، في كتاب السبعين على سبيل المثال، إن الأسرب بارد يابس في الظاهر وحار رطب في الباطن وكذلك بالنسبة للفضة .... بينما الذهب حار رطب في الظاهر وبارد يابس في الباطن.


(١) المصدر السابق ص ٤ - ٥.
(٢) مختار رسائل ص ٤٨١، كراوس، ii ص ٧.