للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصيغة الأفلاطونية التي تقول بأن الفلسفة تكون في الاقتراب من الله، في مشابهة (صنع) الله بذلك القدر الذي تتيسر به هذه المحاكاة للإنسان. فالمبدع البشرى (الصنعوي) يقلّد الخالق، خالق الكون، وهو نفسه يمارس قوة خلّاقة (١). ولقد رتب التوليدات في خمس مجموعات، وهذه في خمس فصائل كذلك: الجوهر والكمية والكيفية والزمان والمكان. وقد فسر أشكال التوليد الممكنة والمتعددة الصور بالأداء المشترك وبائتلاف وتضاد هذه الفصائل. ففي حالة ائتلاف الكيفية مع الكمية والزمان مع المكان تغرس الطبائع في الجوهر فجأة وعند التضاد بين الكيفية والكمية وبين المكان والزمان ركبت الطبائع في الجوهر على دفعات.

وعند موافقة الكيفية للكمية ومخالفة الزمان للمكان ركبت الطبائع في الجوهر دفعة واحدة أيضا. وعند مخالفة الكيفية للكمية وموافقة الزمان للمكان ركبت الطبائع في الجوهر دفعة واحدة، وعند مخالفة الكيفية للكمية وموافقة الزمان للمكان ركبت الطبائع في الجوهر (*) على دفعات (*). والفرق بين الخلق الإلهي والصنعة البشرية يكمن في أنه في الحالة الأولى تتركب الطبائع في الجوهر دفعة واحدة بينما تتركب في الحالة الثانية في الجوهر على دفعات، وعليه فالحالة الأولى والثالثة والرابعة إبداع رباني والحالة الثانية والخامسة مصنوعة (٢).

هذا وقد عرف جابر أنواعا ثلاثة من التوليد وذلك في الحجر والنبات والحيوان (٣).

ولم يشأ في تحقيق التوليد إلا اتباع منهج عقلاني (٤). وقد أسهب في وصف منهجه وأدواته في حادثة توليد الحيوان والإنسان، وعلى الأدوات أن تركب بما يشبه الأفلاك، وقد ذهب بأفكاره بعيدا وفكر في توليد أنماط من الحيوان لا توجد في الطبيعة (٥).


(١) المصدر السابق ص ٩٩.
(٢) مختار رسائل ص ٤٣٧، كراوس ii ص ١٠٠ - ١٠٢.
(٣) المصدر السابق ص ١٠٣.
(٤) المصدر السابق ص ١٠٨.
(٥) المصدر السابق ص ١٠٩.