للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في هذا الخلاء بالجوهر اللاجسمي ثم تنمو معه ثم تتشبث بالطبائع الأربع على التوالي فتتكون منها الأجسام. وليس في العالم المادي خلاء إذ مليء الخلل ما بين الطبائع بالجوهر (١).

هذا وقد أدخل جابر مفهوم الخلاء في نظامه لضرورة كوسمولوجية، فإذا تحول الجوهر في هذا الخلاء، على سبيل المثال، وطبقا لشهوة النفس، ضد شهوة موجهة لعنصر من العناصر، فإنه يتشبث هناك بطبيعة من الطبائع. وإذا تاقت النفس، على سبيل المثال، إلى الحرارة، استحوذ الجوهر على الحرارة، ويحصل الأمر كذلك في حالة البرودة والرطوبة واليبوسة. ولقد استنبط علم الميزان من شوق النفس هذا إلى العناصر، ثم ترتب على ذلك أن كلّ كائن مزود بنفس ما، علته في علم الميزان (٢).

ويرجع علم الميزان إلى شهوة النفس هذه، ومما يلزم وزنه الكمية التي تتشبث بها النفس من كل طبيعة من الطبائع أو من عالم الطبائع (٣).

وكان هم جابر بصورة خاصة لدى التحول من نظامه الكوسمولوجي إلى الطبيعة (الفيزياء) أن توزن الطبائع وتحدد الكمية التي تكون معها في كل جسم. فإذا ما وفّق في تعيين النسب بدقة، يصير ممكنا تغيير تركيب الأجسام بزيادة أو نقصان طبائعها وبالتالي يمكن صنع أجسام جديدة (٤). وقد قارن جابر، في رواية نظريته، الطبائع غير المادية بالنقاط الرياضية وبالصفر، فالطبائع الأربع التي تشكل علم العناصر لا تدرك إلا بالعقل فالحرارة واليبوسة، على سبيل المثال، لا تظهران فحالهما كحال الصفر بالنسبة للأعداد، فليس للصفر قيمة عددية كما لا تحس الطبائع ولا تظهر (٥).


(١) فى مجموع جابر تأثير ما بمصادر مختلفة بالنسبة لترتيب الدوائر.
(٢) كراوس ii ص ١٥٨ - ١٥٩.
(٣) المصدر السابق ص ١٦١.
(٤) المصدر السابق ص ١٨٨ - ١٨٩.
(٥) المصدر السابق ص ١٧٩ وص ١٨٠ - ١٨١.