للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كراوس اكتشف فكرة متشابهة عند) phi losophusanonymus القرن السابع الميلادى) وعند جابر تتعلق بالكيفيات، (tolotntes) التى ينبغى أن ينظر إليها على أنها لا جسمية، أصلها عناصر أربعة وترتكز الصنعة على فعلها (أى الكيفات) (١). وقد أبرز anonymus ذاته أن الطبائع كيفيات لا جسمية، وأنها تتحد فيما بينها لتشكل أجساما مادية. وقد ربط، بالقياس على أجزاء البيضة الأربعة، وكما كان ذلك عند الفلاسفة (٢) أيضا، ربط بين الصنعة والموسيقى. وعند جابر فكرة مشابهة فى نظرية الميزان.

هذا وقد انتهى كراوس من مقارنته إلى أن هناك، بالرغم من الفرق العظيم بين مجموع جابر وبين المؤلفات الصنعوية اليونانية التي وصلت إلينا، أن هناك صلة واضحة تماما لصنعة جابر بصنعة أحدث الأفلاطونيين الجدد. فنمط الأصول التى أدخلها هؤلاء إلى الصنعة، نمط فلسفى الأصل تماما، وإن هذه الصنعة الفلسفية هي، فى رأيه، تلك الصنعة التي مضى جابر في ممارستها إلى أقصى الحدود (٣). ويرى كراوس أن جابرا قد استوحى، لدى إنشاء بنائه الفلسفى العبقرى، الكثير من فلسفة الأفلاطونيين الجدد، أما تأملاته الرياضية فقد مضى بها شوطا أبعد من سابقيه بكثير (٤). ومن مناقب كراوس الأخرى كونه أشار إلى أن جابرا لم يعرف الأفلاطونيين الجدد المحدثين مباشرة (٥)، ولربما اعتمد على روايةيونانية شرقية موازية لهم. ويمكن أن يستنتج من هذا الاكتشاف لكراوس أن معارف الأفلاطونيين الجدد المحدثين كانت منتشرة على نطاق واسع منذ وقت مبكر، وأنه توافرت ثمة إمكانية تبادل علمى وحضاري، وهاتان النقطتان مهمتان جدّا بالنسبة لموضوعنا.


(١) المصدر السابق ii ص ٣٨.
(٢) ذلك لأن البيضة تمثل وحدة من أربعة مكونات هي: قشرة البيض وغشاء البيض وبياض البيض وصفار البيض: lippmann) النشأة entstehung ص ٤٧).
(٣) كراوس ii ص ٤٠.
(٤) المصدر السابق ص ٤٠.
(٥) لقد ذكر جابر اصطفانوس (اصطفانوس الحكيم) في كتابه «كتاب الموازين الصغير»، وهو من أحدث أجزاء المجموع (كراوس، ٤٠، ii ن ٣).