للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعلى الرغم من نقاط التلاقى بين الأفلاطونيين الجدد وبين جابر فإن الفرق بينهما عظيم، ولهذا فلا يعقل- كما يرى كراوس- أن يرجع الفضل فى كامل الإنجاز العلمى وفى الأصالة إلى إنسان واحد فقط. إذن فمن كان هؤلاء الوسطاء الذين توسطوا بين الأفلاطونيين الجدد وبين جابر، الوسطاء الذين غدوا بدورهم مبدعين؟ ولقد حددهم كراوس، وهو في اعتقادنا على حق، بناء على إشارات جابر، حددهم بسقراط المزعوم وأفلاطون المزعوم وأبولونيوس المزعوم وغيرهم. ولم يبق بعد إلا أن يعثر تاريخيّا على أحدث صلة وصل، أو أن يعرف زمن نشأة أحدث الكتب المزيفة هذه. بيد أنه، وللأسف، توصل بذلك، كما ذكر آنفا، إلى نتيجة ليست موفقة كما أعتقد (انظر بعده ص ٢٢٦).

إن معرفتنا بتاريخ السيمياء ليست بعد، من الشمول بحيث يمكن الإجابة على السؤال فيما إذا كان ما اكتشف فى الكتب المزيفة من تطور الصنعة، الذي كان ذا اتجاه تجريبي إلى حد كبير، فيما إذا كان هذا التطور قد ظلّ مجهولا تماما بالنسبة للصنعويين الأفلاطونيين الجدد أولئك. ولعله يكتفى في هذا الصدد بإيراد تلك الأفكار الجابرية التي تذكّر بعلوم أحدث الأفلاطونيين الجدد. ف اصطفانوس المذكور آنفا، على سبيل المثال، يذكر مبدأ القدامى المشهور: على الإنسان أن يسعى بالفلسفة ليغدو شبه الإله. وليس من المستبعد أن اصطفانوس أيضا أراد (١) أن يعطي هذه الفكرة الفلسفية معنى صنعويّا. هذا وقد أشار كراوس كذلك إلى الشبه فى النظرة الذرية داخل الصنعة «السيمياء» عند اصطفانوس وعند جابر (٢). وإن إحدى فكر جابر السائدة وهي بالأحرى فكرة التقدم التي تعود إلى مرحلة مبكرة من الحضارة الإغريقية والرومانية هي قريبة بشكل خاص من عبارة الأفلاطوني الجديد) macrobius القرن الخامس الميلادي، سارطون (٣٨٥، i ومفادها أن تقدم الحضارة البشرية لا بد وأن يكون محدودا، إن لم يكن عن طريق تدمير الأفلاك فبواسطة التغيرات الجذرية الهائلة التى


(١) كراوس، ٩٩، ii ن ٥؛ رسالة اصطفانوس في:
(Physicietmedici س ٢٧ ص) Ideler، ٢٢٤ على رأي (De magnaetsacraarte ,lib.VI
(٢) المصدر المذكور له آنفا، ii ص ١٠ - ١١، ن ٣.