للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالأصل اليونانى «لمصحف الجماعة» (انظر قبله ص ٨٤) بدا له مقبولا. كما أنه أشار إلى الوحدة فيما يتعلق بزمن ومكان النشأة التي توجد بين «المصحف» وبين الكتب المزيفة التي وصلت إلينا باللغة العربية وتنسب إلى العلماء القدامى (١). كذلك فإن ما استنتجه من فحوى وتركيب «كتاب السموم»، مهم بالنسبة لموضوع جابر الإجمالى.

فلقد طرح روسكا بعد دراسة هذا الكتاب الذى وصف عرضه الإجمالى بأنه منطقى ومرتب ترتيبا دقيقا، السؤال التالى: وإذا ظهر الآن أن بيانات الفهرس الثانى (فهرس كتب جابر عند ابن النديم) الإجمالية قد توثقت فيما يتعلق بالطب والمنطق عن طريق «كتاب السموم» على الأقل توثقا مبدئيّا، وإذا ما تأكد كذلك فى هذا الكتاب وعن طريق اقتباس طويل حول إحدى حيل الحرب عند فتح المدن أن جابرا قد ألف فعلا في أعمال الحرب، وإذا كان هناك كتاب فى قوى الأشياء الخاصة، يثبت جانبا آخر من جوانب عمله: فما الذى يجيز لنا بعد هذا كله أن نعد الكتب الرياضية والفلكية أو


(١) «ومن مصححات جابر المذكورة آنفا المتعلقة بفلاسفة مختلفين، توجد مصححات أفلاطون مخطوطة فى القاهرة واسطانبول، وعلى الصفحات الأولى يوجد اسم سقراط وطيماوس، فيتوقع المرء أن جابرا سيتطرق إلى محتوى هذا الكتاب الأفلاطونى. ولكن ماذا يجد المرء فعلا؟ بعد التحذير من الشروع فى كتاب الصنعة دونما دراسة سابقة لأولياته وأسبابه وبعد الإشارة إلى أن الأصل فى العلوم أن يقوم على فائدتها للبشر، فائدتها للفلسفة ولكن على معرفة الحقيقة، بعد هذا كله نعلم أن أفلاطون اتبع في معظم مسائل الصنعة نهج سقراط الذى قام باكتشافات رائعة ونعلم كذلك أن أفلاطون فاق كل الفلاسفة الآخرين بالعلم والصنعة. ثم تبدأ مناظرة علمية بين أفلاطون وطيماوس تدور حول أسس الصنعة، تكملها توضيحات جابر فتغدو منهجا مدرسيا منظما فى الكيمياء، بدأ بوصف الأدوات والأفران وبحث كامل القياس والتجربة فى الصنعة الكبرى فى تسعين فصلا. مرة أخرى علينا أن نتساءل: متى وفى أى وسط تحول سقراط وأفلاطون، بل ليس هذين فقط وإنما كل طائفة الفلاسفة اليونانيين، متى صار هؤلاء صنعويين؟ إن النموذج التقليدى (الكلاسى) لهذا القناع هو «مصحف الجماعة»، كتاب، لم يعرف حتى الآن إلا باللاتينى وكان له تأثير بالغ بلا شك، كتاب يمكن اعتباره «محضر مؤتمر صنعوى، (synode) «كان برئاسة فيثاغورس، عرض فيه كل الفلاسفة، من موسى وأسطانس وأغاذيمون، حتى هرقل عرضوا ما تقدم من سيمياء، على أفضل ما يكون العرض، بأسئلة وأجوبة. هذا وتثبت التصحيفات فى الأسماء وأسماء المواد العربية، تثبت أن «المصحف» يعتبر ترجمة أو تحريرا لكتاب عربى. لكن ألا يمكن أن يكون هذا الكتاب بدوره مأخوذا عن اللغة اليونانية؟ فالنقص فى العناصر الشرقية والأسماء الكثيرة التى لا يمكن إيضاحها (عن طريق) اللغة العربية يؤكد أن هذا الظن؛ بيد أن تصنيف المصحف فى مجموع الآداب ينقصه أى عمل لغوى ناقد سابق» (المصدر المذكور له آنفا ص ٢٦ - ٢٧).