بينة عن المشكلة. فلقد كانت الوثائق والمعلومات قليلة آنئذ، وهي لقلتها قاصرة عن تقديم صورة تامة عن الحضارة الاسلامية.
وحينما كان سزكين يعد ملحقا لكتاب بروكلمان «تاريخ الآداب العربية» اكتشف مخطوطات ومصادر ذات أهمية بالغة، وبخاصة فيما يتعلق بتاريخ الكيمياء الإسلامية، تفضل في قيمتها العلمية كل ما عرف من شواهد ومخطوطات سابقة على الاطلاق.
هذا وقد بين المؤلف حين عرض الوثائق والشواهد والأدلة، التي اهتدى إليها أثناء تحرياته، أن جابرا كان- بلا أدنى شك- حيّا في القرن الثاني للهجرة. ولم يكن جابر رجلا عاديّا وإنما كان عالما يتمثل فيه مركز الثقل في موضوع الكيمياء الإسلامية برمتها.
ومن هنا كان لا بد- في رأيه- من تحديد حياة جابر وبوضوح تام قبل مواصلة البحث بالنسبة لتاريخ الكيمياء الإسلامية والكيميائيين الاسلاميين الأوائل. وبالفعل سيلمس القارئ العربي الجهد العظيم الذى بذله المؤلف سزكين في هذا المجال. ولا غرو فهو من العلماء المسلمين القلائل الذين وقفوا حياتهم على دراسة تاريخ التراث الإسلامي العربي ونالوا شهرة عالمية فيه. وما هذا الكتاب الذي بين أيدينا إلا المجلد الرابع من بين المجلدات التسعة للسفر الضخم، (في تاريخ التراث العربي). وكما يعرف الكثير من المهتمين بهذا الموضوع فقد نال المؤلف- الذي يعمل أستاذا لتاريخ التراث الإسلامي ومنذ عشرين عاما في جامعة فرانكفورت- جائزة الملك فيصل العالمية تقديرا لجهوده القيمة التي بذلها في تصنيف المجلدات الستة الأولى من كتابه الضخم هذا.
إنه لمن حسن حظ القاريء العربى، الذي لا يعرف اللغة الألمانية أن تقوم جامعة الملك سعود (الرياض سابقا) وجامعة الإمام محمد بن سعود بترجمة هذه المجلدات؛ تعهدت جامعة الملك سعود بترجمة المجلدات التي تتناول العلوم الطبيعية والرياضية منها وهي: المجلد الثالث (الطب والبيطرة) والمجلد الرابع (الكيمياء والنبات) والمجلد الخامس (الرياضيات) والمجلد السادس (علم الفلك) والمجلد السابع (الأنواء والأجواء).