للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومما سيلفت الانتباه لدى دراسة خصائص العلوم العربية في القرن الثالث/ التاسع والقرن الرابع/ العاشر، تلك الخصائص التى لا تكتشف عند جابر، سيلفت الانتباه بالدرجة الأولى أن المجموع لا يكشف عن أى معرفة بالترجمات العديدة في مجالات مختلفة وأنه لا يعرف التطور الذي حصل لعلم الجغرافيا ولا كذلك للعلم الرياضى في القرن الثالث/ التاسع. وليس هنا الموضع الذي يؤكد فيه هذا الاكتشاف في مجالات مختلفة بالعديد من القرائن والبراهين، ولعله من الأنسب بدلا من ذلك أن تضرب بعض الأمثلة التى سبق لكراوس نفسه، وإن كان من وجهة نظر أخرى، أن وفرها لنا.

وربما كان أهم مثال يتطلب الاهتمام هو أن جابرا لم يعرف اللاهوت المزيف ل أرسطاطاليس الذى ترجم إلى العربية في النصف الأول من القرن الثالث/ التاسع.

كما لم يعرف علم أرسطاطاليس في الفيض، ذلك العلم الذى شغل اعتبارا من القرن الثالث/ التاسع مكانا مهمّا في مؤلفات العلماء المسلمين العرب الفلسفية والفلسفية الطبيعية.

كذلك «لا يعرف جابر، على سبيل المثال، نظام الأرواح العشر، الذي وجد أول ما وجد عند الفارابى ومن ثم صار ومنذ ابن سينا جزءا مهمّا من جميع الكوسمولوجيات الفلسفية في الحقبة العربية» (١).

مثال آخر: لقد أخبرنا جابر أن الجواهر الخمسة الأبدية (على حسب ابندقليس المزعوم)، التي تمثل العناصر الأصلية للأشياء المخلوقة جميعها، تتكون من «الجوهر الأول الشريف» ومن «الهيولى (vyn) «ومن «الصورة»، ومن «الزمان» و «المكان». لكن العناصر الأصلية، على حسب المصادر الأخرى والتى تعود إلى قرون متأخرة هي: المادة الأولى والعقل والنفس والطبيعة والأجساد. والخلاف الذي


(١) كراوس، ii ص ١٣٦، ن ٢.