للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإذا ما سلم باشتغال العرب المبكر بالكيمياء، وبنشاطهم إبّان العهد الأموي بالترجمة كان للسؤال عن الكتب الكيميائية التي ترجمت إلى اللغة العربية قبل العهد العباسي أهمية خاصة. أما ابن النديم فلم يعر هذا السؤال، على ما يبدو، انتباها خاصّا، أو أنه لم يكن بإمكانه أن يخبرنا بأكثر مما فعل، إذ كل ما يؤخذ من أقواله أن خالد بن يزيد استدعى الكثير من العلماء اليونانيين من مصر ودعاهم إلى ترجمة الكتب (١)، فهو يذكر في موضع آخر فهرسا ضخما بالكتب المترجمة (٢). وتفيد النصوص ذاتها أن الكتب الكيميائية التالية هي من الكتب التي أنجزت ترجماتها في العهد الأموي: رسائل زوسيموس الست (ولعله زوسيموس المزعوم)، «كتاب الأصنام» لصاحبه بليناس (انظر بعده ص ١٢٦) و «كتاب قراطيس الحكيم» (انظر بعده ص ٧٧)، و «كتاب مهراريس الحكيم»، ورسائل أرسطاطاليس المزعومة إلى الإسكندر التي تتضمن جزءا ذا محتوى كيميائي. ومن الرسالات الكيميائية الصرة المحفوظة في مكتبة آصفية، رسالة يزعم أنها ترجمت أصلا عن اللغة اليونانية إلى السريانية، من قبل يزدين النصراني وزير كسرى (خسرو؟ بارفتس ٥٩٠ - ٦٢٧ ب. م) عام ٩٣٠ حسب التقويم الإسكندراني (٦٠٧ ب. م) ثم ترجمت، في خلافة المنصور، من السريانية إلى اللغة العربية (٣).

وعلينا أن نحاول من جديد، بناء على الدلائل اللفظية واعتمادا على أقدم المقتبسات، تحديد توقيت أولي؛ ولعل كتب خالد بن يزيد العديدة التي وصلت إلينا مناسبة لمثل هذه المحاولة. وبهذا الصدد، فممّا ينبغي ذكره على سبيل المثال أن إحدى رسالات خالد تشير إلى: هرمس وأغاذيمون وزوسيموس ومريانوس (٤). كذلك ففي


(١) «كان خالد بن يزيد بن معاوية يسمى حكيم آل مروان وكان فاضلا في نفسه وله همة ومحبة للعلوم، خطر بباله الصنعة فأمر بإحضار جماعة من فلاسفة اليونانيين ممن كان ينزل مدينة مصر وقد تفصح بالعربية وأمرهم بنقل الكتب في الصنعة من اللسان اليوناني والقبطي إلى العربي ... » (الفهرست ص ٢٤٢).
(٢) المصدر السابق ص ٣٥٥.
(٣) stapleton في مجلة.١٢٩/ ١٩٣٦ /٢٦ isis
(٤) «قال زوسيم: إن الله ... خلق الأشياء كلها وخلق الإنسان فيهم أعجب العجب ... ، قال هرمس .. ، قال زوسيم ... قال مريانس ... قال أغاذيمون في رسالته ووصيته إلى تلاميذه ... » (رسالة خالد: طهران، خانقاه نعمة الله ١٤٥، ٣١ ب).