للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النبات. وهذان الكتابان هما: «كتاب تاريخ طبيعة النبات» di enaturgeschichte dergewachse «لصاحبه، theophrast وكتاب «materiamedica» لصاحبه. dioskurides (١) هذا وقد عبر زلبربرغ عن دهشته إزاء نتائج مقارنته على النحو التالي:

«ترى كيف تأتّى لأمة الإسلام أن تبلغ في حقبة مبكرة من آدابها الأمة الهلينية العبقرية، تبلغها في هذا المجال بل تفوقها؟ » (٢).

يمكن حل هذا «اللغز»، كما يعتقد زلبربرغ، «لدى دراسة التطور الحضاري عند الأمتين». أما بالنسبة لوصف النبات كما جاء عند الدينوري فلا يمكن اعتباره «محصل دراسات علمية منهجية نباتية في حقبة زمنية مبكرة من حقب المصادر، كانت مفتقرة إلى الكتب النباتية الممهدة لهذا النوع من البحث». لقد استعمل الدينوري مصطلحات علمية نباتية وذكر «قدرا عظيما منها لصور متنوعة الشكل من صور أجزاء النبات. تلك المصطلحات التي تبعث عند المنصف الانطباع وكأنها تمثل لغة اختصاص دقيقة محكمة. ويزيد من أهمية هذه المصطلحات أنها اخترعت في زمن افتقر إلىجهود خالصة سعيا وراء علم النبات». ويمكن إيضاح هذه الظاهرة فيما إذا ألقيت نظرة على الأحوال التاريخية الحضارية عند العرب، فزلبربرغ يشير إلى ظروف حياة البدو وإلى الوتيرة الواحدة في حياة الصحراء حيث «ألفت عين قاطنيها التمييز الدقيق لكل الجزئيات الصغيرة التي يرونها في صورة الصحراء القليلة التغير». وأبو حنيفة يدين إلى البدو بهذا الوصف الجميل الدقيق، البدو الذين عرفوا مملكة نبات الصحراء معرفة دقيقة والذين كان بمقدورهم أن يجيبوا بدقة وبالتفصيل على أسئلة المؤلف فيما يتعلق بأسماء النباتات التى ذكرها الشعراء في أشعارهم. ولقد نتج عن هذه الاستفسارات معظم وصف النباتات، فخلافا لما في مصادر النبات عند الشعوب الأخرى حيث «كون العلم لغته الخاصة به خلال تطوره»، فإن لغة البدو ابتدعت مصطلحات دقيقة دونما أن يكون هناك علم من العلوم (٣). وإذا ما فكر في رأي ماير الذي يذهب فيه إلى أنه لم


(١) المصدر المذكور له أعلاه ص ٤٢ - ٤٣.
(٢) المصدر السابق ص ٤٤.
(٣) المصدر السابق ص ٤٥ - ٥٢.