للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مثل هذه النباتات، التي قلّما عرفها اليونان، بل لم يعرفوها» (١). ولن يضير رأينا الرد الذي يفيد أن «كتاب الفلاحة النبطية» ترجم بعد تأليف كتاب أبي حنيفة، ذلك لأن زمن ومكان نشأة الكتاب ذو أهمية بالنسبة لموضوعنا.

وإذا ما سلم بأن «كتاب الفلاحة النبطية» يعكس ما كان قبيل الإسلام من معارف نباتية للسكان الذين تطبعوا بطابع الإغريق في كل من بلاد الرافدين وشمال الجزيرة العربية وجزء من غرب فارس، عندها تتوافر إمكانية، بناء على مقارنة تجرى بين ذلك الكتاب وبين ما عرفنا من كتب عربية من القرن الثالث/ التاسع مثل «كتاب النبات» لأبي حنيفة، إمكانية تقصي ما جمع خلال ذلك من معارف في المجال النباتي.

ولا بد، عند مناقشة هذا الموضوع من النظر في ال disjectmembra لكتب اللغويين المتعلقة بموضوعات في النبات، وفي الآراء التي بلغتنا وهيللفلاسفة الطبيعيين من أمثال جابر، وفيما وصل إلينا من أقدم الترجمات لكتب النبات.

أما ما وصل إلينا من أقدم كتب اللغويين المتعلقة بموضوعات النبات مباشرة، فجدّ قليل، إلا أن المعاجم العربية، ونخص منها معجم «تهذيب اللغة» لصاحبه الأزهري (توفي عام ٣٧٠ هـ/ ٩٨٠ م، انظر gas م ٢) قد تضمن كثيرا من الشذرات حتي ليمكن جمع الكتب الضخمة في معظمها من جديد. وأما أنها ليست موضوعا للدراسات اللغوية فقط وإنما تصلح مادة غاية في الأهمية بالنسبة لدراسة تأريخ النبات العربي، فهذا ما سبق ل زلبربرغ أن أثبته فيها واضحا جليّا (٢). ومما ينبغي قوله في هذا الصدد أن «كتاب النبات» لأبي حنيفة لم يكن أول كتاب صنفه إمام من أئمة اللغة، يتصدره العنصر النباتي. فلقد كان قبله أكثر من واحد، من أمثال ابن السّكّيت والأصمعي والنذر بن شميل، ممن ينبغي دراسة أعمالهم في مجال النبات بعد.


(١) المصدر السابق ص ٥٩.
(٢) المصدر المذكور له آنفا ص ٣٩ وما بعدها.