للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عند الأنباط سببا رئيسيّا في هذا الخداع» (١).

وهكذا يتبين أن تركيبة vongutschmid كاملة تتكون من ثلاثة أو أربعة بيانات تاريخية تحدث مؤلف «كتاب الفلاحة» النبطية فيها عن الكنعانيين والكلدانيين والتى يزعم أنها تتفق مع أحوال العصر العباسي تماما. وإذا ما سلمنا بأن البيانات الثلاثة أو الأربعة المذكورة في الكتاب النبطي تتناسب مع العصر العباسي، فهل تكفي ليعتبر ابن وحشية مزورا كما فعل ذلك vongutschmid وكما أخذ به فيما بعد بشكل عام تقريبا بلا تحفظ؟ أم هل تبقى صحة الكثير من الكتب في تاريخ العلوم يقينية إذا ما اتخذ مثل هذا المنهج ضابطا لأصالتها؟ وهل فكر vongutschmid مرة في أن مؤلف الكتاب النبطي ذكر العديد من الأشياء التى لا تتفق مع العصر الإسلامي؟ ولنأخذ على سبيل المثال قول المؤلف: «لقد أعاننا الله عليكم وطردناكم لذلك من البلاد» (٢). هل يؤخذ من هذا الكلام أن «الأنباط» طردوا العباسيين من البلاد؟ وفي مكان آخر يقول المؤلف: «يحسد الكنعانيون الكلدانيين لعلومهم التى منت الآلهة بها عليهم، وهم لم يقدروا عليها. إلا أنهم «الكنعانيين» الآن ملوكنا وقادة جيوشنا ونحن وإياهم في مستوى


(١) يقول»: vongutschmid ربما كان لهذا الرد قيمة لو أني ادعيت أن للفلاحة النبطية طبيعة منشور سياسى موجه إلى قوم أو أصحاب رأي في أمر ديني، أو باختصار إلى من يتوقع منهم فلاحة بما يقصده المؤلف بناء على استعداد فيهم، لقد كنت بعيدا كل البعد أن أوسم الكنعانيين واشيثا وسما مختصرا على نحو الكلدانيين والبابليين في كتاب دانيل، بل كان كل ما أعبر عنه بوضوح هو أن اعتزاز الأنباط الوطني كان السبب الرئيسي لهذا الخداع، آخذا بذلك برأي خولسون الذي يقول فيه إن ابن وحشية عزم على عمله هذا ليبين أن الأسلاف من قومه، الذين كان العرب ينظرون إليهم نظرة قوم محتقر، ربما كانوا بمعارفهم متفوقين على شعوب كثيرة من شعوب العصور القديمة. وقد زدت على ذلك قائلا: اجتمع مع هذا الاتجاه تسريب الأفكار العقلانية وإدخال التقاليد الساخرة من تقاليد المسلمين، في العقيدة الإسلامية.
وقد أفصحت بذلك بما فيه الكفاية بأن الفلاحة النبطية، كما أرى، كان الهدف منها أولا التأثير على العرب والمسلمين ليشعروا بالاحترام أمام الأنباط ومن خلال معرفة الكشوفاتالتاريخية التي يقدمها كتاب الفلاحة النبطية عن العصر البطريقي.».
«مؤلفات صغيرة kleineschriften «ص ٤٩.
(٢) «خولسون: chwolson «آثار باقية ص. uberreste ,p.٤٩