للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لها بذلك عن بقية علوم الدنيا «الوضعية» التي نفهم منها العلوم الثانوية التقنية «علم الصنائع» (١). وأن «جابرا» في كتاب الحدود لم يذكر «الكيمياء»، ولعله عدّ هذا الفرع من العلم «وضعيّا» أي من «علم الصنائع» إذ يعرف «علم الصنعة» بأنه العلم الذي لا علاقة له بسد الفاقة والحاجة (٢). وقد ذكر جابر «الكيمياء» في كتاب آخر هو كتاب الأصول (الصناعة الموسومة بالكيمياء)، حيث كان همه في ذلك أن ينبه إلى الخطر الكامن فيها (٣).

يبدو أن كلمة «كيمياء» بمعنى صناعة الذهب والفضة عرفها العرب منذ القرن الأول/ السابع وأن هذا المفهوم قد أدى بهم إلى الاشتغال بالكتب الكيميائية في وقت مبكر، لهذا فليس من الصعب أن يفهم لماذا كان لا بد لأول ترجمة لكتاب دنيوي من لغة أجنبية أن تكون بالذات ترجمة كتاب كيميائي (انظر بعده ص ١٠٥)، أضف إلى ذلك أن الأخبار الصريحة التي وصلت إلينا تفيد أن الكيميائي العربي الأول، الأمير الأموي خالد بن يزيد أدت به الكيمياء المؤملة بالثروة العظيمة إلى الصنعة والصنعويين (٤)، بل إن أقدم ما وصل إلينا من معلومات حول ذلك يرجع إلى عهد خالدنفسه، ذكرها المؤرخ المدائني (ت ٢٣٥ هـ/ ٨٥٠ م)، انظر المجلد الأول من، GAS ص ٣١٤) معتمدا بذلك على رواة قدامى، جاء في روايته أن محمد بن عمرو بن العاص قدم على عمّته زوجة خالد بن يزيد، وهي في دمشق، قال خالد له: «ما يقدم علينا أحد من أهل المدينة إلا اختار المقام عندنا على المدينة، فظن محمد بن عمرو أنه يعرض به فقال غاضبا: وما يمنعهم من ذلك وقد قدم قوم من المدينة على النواضح فنكحوا أمك وسلبوك ملكك وفرغوك لطلب الحديث وقراءة الكتب وعمل الكيمياء الذي لا تقدر


(١) جابر: كتاب الحدود في مختار رسائل ص Kraus: Studienzu Jaberibn Hayyan؛ ١٠٠ في مجلة.١٢/ ١٩٣١ /١٥ Isis
(٢) مختار رسائل ص ١٠٦.
(٣) طهران: خانقاه نعمة الله ١٤٥ (١١٥ ب- ١٢٠ ب).
(٤) ابن النديم ص ٣٥٤.