الانتقاص من أعماله المهمة بتفاصيلها- إلى تطور آخر بالنسبة لتمحيص «أصل المصحف» يختلف عما رسمته آراء كل من برتلو وليبمان lippmann. ولقد بلغ روسكا من خلال دراسته التي خصصها «للمصحف»(مصحف الجماعة: مقالة في تاريخ السيمياء في مجلة مصادر ودراسات في تاريخ العلوم الطبيعية والطب م ١ ١٩٣١/ ١ - ٣٩٨) النتيجة التالية: نشأ «المصحف» نهاية القرن العاشر أو مطلع القرن الحادي عشر الميلاديين على أرض مصرية، معتمدا على زيوف عربية من الوسط ذاته.
هذا وقد علل روسكا بدائية محتوى الكتاب بالمقارنة مع مؤلفات جابر والرازي، وهما أقدم في رأيه، علله بمستوى السيمياء في مصر الإسلامية اعتبارا من القرن التاسع وحتى الثالث عشر الميلاديين، فالسيمياء هناك «لم تقم على أرض التجربة وإنما كانت محض اختلاق أدبي، مما جعلها تقوم على عبث الخيال»(المصدر المذكور آنفا ص ٣١٨ و ٣٢٠).
إلا أن روسكا صحح تحديده للتاريخ ذاك بعد بضع سنوات فرجع بتأريخ «المصحف» قرنا كاملا تقريبا، أي إلى مطلع القرن العاشر الميلادي (دراسات لكتاب الماء الورقي لمحمد بن أميل التميمي .. في مجلة، ٣٨٨/ ٣٦ - ١٩٣٥/ ٢٤ isis انظر كراوس ج ٢ ص ٣٩، ن ١). ثم جاء بلسنر plessner بتحديد آخر للتأريخ، فهو يرى أن المصحف نشأ نحو عام ٩٠٠ ب. م، معتمدا في ذلك على أسطورة بنت السم، المذكورة في الخطبة «sermo» ٥٩ من المصحف، وهذه شقت طريقها إلى الآداب الإسلامية عن طريق الترجمة العربية لكتاب السموم لصاحبه شاناق الهندي (والحق، إنهما مختلفان؛ انظر المجلد الثالث من gas ص ١٩٥). وقد قيل إن الترجمة هذه ترجع إلى النصف الأول من القرن التاسع بعد الميلاد، مما جعل بلسنر plessner يتخذه بداية للتأريخ المقصود، «terminusaquo» كما نبّه بلسنر plessner إلى أن هناك كتابا ذكره ابن النديم ص ٣٥٩ بعنوان «كتاب مناظرات العلماء ومفاوضاتهم» لعثمان بن سويد الأخميمي، أحد معاصرى ابن وحشية، وأن في هذا الكتاب- كما يرى بلسنر plessner - آثارا من المصحف ذاته أو من كتاب ذي طبيعة مشابهة. (٣٣٤ - ٣٣٣/ ١٩٥٤ /٤٥ isis)