للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا ويقتضى، كما سبق وافترض برتلو، أن يكون المصحف قد ترجم عن اللغة اليونانية، مثله في ذلك كمثل كل الكتب السيميائية الأخرى التي تبدو في المخطوطات أو في الاقتباسات على أنها ترجمات عن اللغة اليونانية. كذلك فلقد صرح روسكا نفسه عام ١٩٢٩ م- أى قبيل أقل من سنتين من نشره للمصحف- بما يلي:

«إن تصحيف أسماء الأعلام وأسماء المواد العربية يؤكد أن «المصحف» ما هو إلا ترجمة أو إعادة لكتاب عربي، لكن ألا يحتمل أن يكون هذا الكتاب قد أخذ عن اللغة اليونانية؟

فالنقص فى العناصر الشرقية، والأسماء الكثيرة التي لا يمكن تفسيرها على أنها مأخوذة عن اللغة العربية، كل هذا يقوي هذا الظن» (١).

ومن الأسباب التى ساقها روسكا في هذا الشأن، سبب مفاده أن المؤلف لم يذكر مرجعا عربيّا واحدا (كيمياء chimie ج ١ ص ٢٥٥). ويمكننا، استرسالا مع هذه الفكرة، أن نطرح السؤال التالي: لماذا لم يذكر المؤلف زوسموس بكلمة واحدة مع أنه بلا شك- كان أشهر وأغزر سيميائي مفكر، كتب باللغة اليونانية؟ بل ولم لم يذكر المؤلف (٢) حتى بعض السيميائيين اليونان المحدثين الآخرين من أمثال:

أوليمبيودوروس olympiodoros أو اسطفانوس؟ وهل من الإنصاف أن توصف هذه الظاهرة- كما فعل ذلك روسكا في (المصدر السابق المذكور له ص ٢٧٦) - على أنها سكوت متعمد؟ هذا ولا يقتصر الأمر هنا على أسماء لا توجد في المصحف أصلا فحسب، بل حتى فيما يتعلق بالمحتوى يمكن التأكد من أن المرحلة التي وصلت إليها السيمياء إبان زوسموس لم يعرفها مؤلف المصحف قطعا، فالقسم الأعظم من المقالات والتعاليم الموجودة في المصحف يمكن العثور عليه في الرواية اليونانية، كما أكد ذلك برتلو وكما بين روسكا في ملاحظاته على ترجمة المصحف، أما الجزء المتبقي من


(١) جابر في كتاب) d iegrobenchemiker: الكيميائيون العظام) ص ٢٦.
(٢) وليس هناك ما يبرر- في رأيي- اعتبار الكلمات المصحفة والمحرفة أسماء لكيميائيين أحدث (أي أحدث من الزمن الذي افترضته لنشأة مصحف الجماعة).