و «في الشعر العربي المعاصر» من سوريا، ثم تقرأ هذه الكتب فلا ترى فيها ذكراً لشاعر من شعراء المغرب.
وقد كتب الأديب عبد الجبار العلمي، يرد على الأديب السوري بندر عبد الحميد كلمته التي نشرها بجريدة الثورة السورية، عن التجربة الشعرية في المغرب، واتهامها بالانطواء والعزلة، ومما قاله العلمي:«وأحب أن أقول للسيد بندر عبد الحميد: إن المثقفين المغاربة من أشد الناس حرصاً على الاطلاع على النشاط الثقافي في كل الأقطار العربية، وأنهم يلتهمون كل ما يصل إلى المغرب من كتب ومجلات وصحف عربية، وأنهم يتمثلون كثيراً من التيارات الجديدة، سواء في القصة أو المسرح أو الشعر، وأن التجربة الحديثة لدينا تمتح من جميع الاتجاهات، سواء منها العربية أو الأجنبية ... وهناك عديد من الأبحاث في كلية الآداب في السنة الأخيرة من الليسانس، كلها تتضمن شخصيات أدبية معاصرة، سواء في مصر أو في سوريا أو في العراق»(١).
وهذا الذي قاله الأديب عبد الجبار العلمي حق كله، وقد وقفت على أماراته وشواهده في كل المدن المغربية التي زرتها، فالمكتبات عامرة بآثار المشارقة، وإحالات الأساتذة الجامعيين وغيرهم من الباحثين على كتابات أدباء المشرق تملأ حواشي كتبهم، وعلى الجانب الآخر انظر ما يكتبه بعض المشارقة من دراسات أندلسية أو مغربية، وسترى خلطاً كثيراً واضطراباً بيَّناً، أدى إليهما قلة معرفة بالمراجع المغربية الأصيلة، وعدم متابعة لما يجري على الساحة المغربية من نشاط أدبي وفير.
وليسمح لي الأستاذ العلمي أن أنتقل بالقضية إلى ميدان أخطر وأجل من قضايا القصة والمسرح والشعر الحديث، إنها قضية الفكر العربي الشتيت، والأمة الغافلة عن ماضيها، الذاهلة عما يراد بها، ولقد كان هناك تواصل ولقاء بين أبناء هذه الأمة
(١) الملحق الثقافي لجريدة «العلم» المغربية, الجمعة ١٢ رمضان ١٣٩٥ هـ - ١٩ سبتمبر ١٩٧٥ م.