للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوم كانت وسيلة الاتصال الناقة والسفينة، وحين تقاربت المسافات وطويت الآماد تقطعت أسباب التواصل وانصرف كل في واد، وقد حدثتك من قبل عن قاسم بن أصبغ الأندلسي الذي روى عن ابن قتيبة كتبه بمنزله ببغداد، ويا بعد ما بين الأندلس وبغداد.

ولم يعد هناك من صور التواصل إلا ما يكون من تلك المؤتمرات الأدبية التي تعقد في عاصمة من عواصم البلاد العربية كل عام أو عامين، تستغرق من الأيام سبعة أو عشرة، وتنتهي جلساتها ببعض القرارات والتوصيات التي تذروها الرياح، بل قد تكشف هذه المؤتمرات أحيانًا عن تنافر موحش بين أعضاء الوفود، نتيجة اختلاف المشارب والأهواء، وإقحام قضايا تجافي روح الأدب والفكر.

وإذا كانت الأمة العربية تشترك كلها مشرقاً ومغرباً في مسؤولية التواصل هذه، فإني أشهد أن المغاربة لم يقصروا، وما برحوا يمدون أبصارهم إلى المشرق، تكريماً لعلمائه وإفادة منهم، فهذه الدروس الدينية الرمضانية التي تلقى بين يدي جلالة الملك الحسن الثاني ملك المغرب، في قصره بالرباط، والتي تسمَّى: الدروس الحسنية، يدعى إليها كبار مفكري الإسلام من البلاد العربية، وقد دعي من علماء مصر هذا العام أستاذنا الجليل محمود شاكر - ويسميه بعضهم هناك: شيخ العربية - والباحث الدكتور مصطفى محمود.

وقد حدَّثني أحد منظمي مهرجان ابن زيدون في الرباط أنَّ وزارة الثقافة المغربية قد دعت إلى هذا المهرجان كل من له أدنى صلة بابن زيدون في مختلف البلاد العربية، وقد دعي من أدباء مصر عدد وفير ليسوا كلهم على صلة بابن زيدون، بل إن بعضهم لا وجود له فيما يكتب من أدب في مصر هذه الأيام، وقد كانت له أيام، ولكنها رغبة المغاربة الدائمة في تكريم الأديب المصري، وإجلالهم لماضيه، حين زالت الحواجز التي كانت تعوق حركة المصريين اندفع المغاربة في دعوة كثير من أساتذة الجامعات المصرية للإفادة من علمهم في قاعات الدرس بالجامعات المغربية.

<<  <  ج: ص:  >  >>