للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكلام، وكانوا لا يخلون شعرهم منه، بل إن أمير الشعراء المعاصرين وعلمهم الكبير أحمد شوقي كان مكثراً من استعمال ذلك اللون من اللغة، وله منه أعاجيب، منها قوله:

خلوا الأكاليل للتاريخ إن له ... يداً تؤلفها دراً ومخشلبا

فانظر إلى "المخشلب"، وهو خرز يشبه الدر من حجارة البحر، وليس بدر ويقال إنه لفظ نبطي، والعرب تقول "الخضض". فهذه الكلمة، عل يطيقها أحد من أهل زماننا؟

لقد استخرجها شوقي من محفوظه من شعر أبي الطيب المتنبي، وذلك قوله:

بياض وجه يريك الشمس حالكة ... ودر لفظ يريك الدر مخشلبا

وقد ظهر لي من قراءة شعر الجارم أن كثيراً من هذا الغريب الذي فاض به شعره إنما واتاه من دربه طويلة مع النصوص الشعرية المأثورة، ولم يأته من قراءة كتب اللغة أو المعاجم فقط. وآية ذلك أن بعضاً من تراكيبه الشعرية إنما انتزعه مما استقر في محفوظه من شعر الأوائل:

فمن ذلك قوله من قصيدة في ذكرى المولد النبوي الشريف:

إذا صال لم يترك مقالاً لصائلً ... وإن قال ألقت سمعها البلغاء

فالشطر الأول منتزع من قول معاوية بن أبي سفيان، يمدح عبد الله بن عباس رضي الله عنهم:

إذا قال لم يترك مقالاً لقائل ... مصيب ولم يثن اللسان على هجر

وقوله:

غضبان رد إلى اليافوخ عفرته ... ومن يصاول ليثاً وهو غضبان

لقد حمينا أباة الضيم حوزتنا ... من أن تباح ودناهم كما دانوا

<<  <  ج: ص:  >  >>