ولا ريب أن الجارم قال هذا البيت وفي محفوظة قول الأول:
لا يمنعنك خفض العيش في دعة ... نزوع نفس إلى أهل وأوطان
تلقى بكل بلاد إن حللت بها ... أهلاً بأهلٍ وجيراناً بجيران
ومن قصيدة للجارم في ويلات الحرب العالمية الأولى، يقول:
لج به الموت فأدوى به ... وحز منه الليت والأخدعا
وآخر البيت من قول الشاعر الأموي الصمة بن عبد الله القشيري:
تلفت نحو الحي حتى وجدتني ... وجعت من الإصغاء ليتاً وأخدعا
ويقول في وصف جريدة لم يسمها:
وكنت صحيفة الأبرار حقاً ... تلقتك الكنانة باليمين
وقد نظر في ذلك إلى قول الشماخ، في عرابة الأوسي:
إذا ما راية رفعت لمجد ... تلقاها عرابة باليمبن
ومن مرثيته لصديقه محمود فهمي النقراشي باشا، يقول الجارم:
شيئان ما عيب البكاء عليهما ... فقد الشباب وفرقة الآلاف
وهذا من قول الشاعر:
شيئان لو بكت الدماء عليهما ... عيناي حتى يؤذنا بذهاب
ل يبلغا المعشار من حقيهما ... فقد الشباب وفرقة الأحباب
وهذه القصيدة من رثي بها الجارم صديقه النقراشي، هي من أعلى شعره فناً وإحكاماً، ومن أغربه لغة وبيانا، وقد أقامها على البحر "الكامل"، واختار لها الفاء المكسور روياً، وأولها:
ماء العيون على الشهيد ذارف ... لو أن فيضاً من معينك كافي
وأحسب أن الجارم حين جالت هذه القصيدة في نفسه: موضوعاً وبحراً وروياً، إنما كان يستدعي من مذخورة أخرى باذخة لأبي العلاء المعري، يرثي فيها