و"المستاف" هي إحدى القوافي التي اتنزعها الجارم من قصيدة أبي العلاء، قال:
ذكرى كحالية الرياض شميمها ... راح النفوس وراحة المستاف
وليست "المستاف" وحدها هي التي انتزعها الجارم من قوافي أبي العلاء في هذه القصيدة، فهناك أخريات، تراها في القصيدتين، وهي: الآلاف- عبد مناف- دراف- الرجاف- الأصداف- الأطراف- الرعاف- ثقاف- الأسياف- قوادم- وخواف- الضافي- قواف- الأشراف- سلاف- المصطاف- الأعطاف- المئناف.
ومع ذلك فتبقى القصيدة في الجارم قواف، هي من كيسه ومن حر ماله، ومن أحلامها وأعذبها وأخفها دماًـ ومع عربية أصيلة، قوله:
إن الفتى ما فيه من أخلاقه ... فإذا ذهبن فكل شيء "ما في"
والحذف هنا بعد "ما في" جميل جداً.
وهكذا يكون الشاعر الكبير: تمتليء نفسه بموروث الكلام: شعراً ونثراً، ويجري هذا الموروث في دمه جريان الدم في العروق، وتخالط بشاشته قلبه وعقله، ثم يفيض على لسانه: شريف المحتد موصول النسب، ولكنه يبدو هو في نفسه سامق الهامة، عالى الطول، كذلك الطول المتوارث في بني عبد المطلب.
ومن وراء ذلك كله فللجارم في شعره استعمالات دالة على بصره باللغة والتصريف، يقول في إحدى قصائده: