فهذا أبو عبيد البكري الأندلسي يعمد إلى نصين جليلين من تأليف المشارقة، بالشرح والبيان: الأول كتاب «الأمثال»، لأبي عبيد القاسم بن سلام البغدادي ويسمي البكري شرحه لهذا الكتاب: فصل المقال في شرح كتاب الأمثال. وهذا الشرح قد «احتوى على أكمل تعليقات وتفاسير قديمة ومهمة على ذلك الكتاب، كما احتوى مادة رائعة لا توجد في غيره من كتب الأمثال الأخرى»(١).
والثاني: كتاب «الأمالي»، لأبي علي القالي البغدادي. ووسم أبو عبيد شرحه لذلك الكتاب: اللآلي في شرح أمالي القالي. ونشره العلامة عبد العزيز الميمني باسم: سمط اللآلي.
ثم يتصدى ابن السَّيد (بكسر السين) البطليوسي، بالشرح والبيان لأحد أصول الأدب الأربعة، وهو كتاب ابن قتيبة البغدادي المسمَّى:«أدب الكاتب»، أو:«أدب الكتاب». واسم هذا الشرح: الاقتضاب في شرح أدب الكتاب. وهو من أجل شروح الكتاب، كما يقول صاحب كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون.
وحين فرغ أبو محمد الحريري البصري من إنشاء «مقاماته» الأدبية المعروفة، تعاقب عليها الشراح بالتفسير والبيان، حتى بلغت شروحها أكثر من خمسة وثلاثين شرحاً، ما بين مشرقي ومغربي. ومن أعظم هذه الشروح وأجمعها للغرائب والفرائد شرح أبي العباس الشَّريشي الأندلسي.
ولم يعرف للسيرة النبوية التي صنفها محمد بن إسحاق شرح أوعب وأكثر جمعاً للفوائد والشوارد، من شرح أبي القاسم السهيلي الأندلسي المسمَّى: الروض الأُنُف، والمشرع الرّوى في تفسير ما اشتمل على حديث السيرة واحتوى.
والمشتغلون بتاريخ المذاهب الفقهية الإسلامية يعرفون أن أهم شروح مذهب مالك بن أنس رضي الله عنه، إنما جاءت من قبل العلماء المغاربة الذين أكثروا
(١) راجع كتاب الأمثال العربية القديمة, تأليف المستشرق الألماني رودلف زلهايم, ترجمة الأستاذ الدكتور رمضان عبد التواب, صفحتي ١٥١, ٢١٩, طبعة بيروت.