للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتسخّط من قضاء الله تعالى وقدره واعتراض على أحكامه، وأنَّها لم تنته عن ذلك حتَّى ضربها عمر - رضي الله عنه - بِالدِّرَّةِ ضَرَبَاتٍ.

قلنا: الطَّاعنون في عائشة - رضي الله عنها - هم المطعونون حقًّا، ويصدق فيهم قول العرب: "رَمَتْني بِدائِها وانْسَلَّتْ"؛ إذ قالوا بما فيهم.

وتعلَّلوا بما رواه ابنُ سعد عن يُونُس، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيّبِ قَالَ: "لمَّا تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ أَقَامَتْ عَلَيْهِ عَائِشَةُ النَّوْحَ، فَبَلَغَ عُمَرَ فَجَاءَ فَنَهَاهُنَّ عَنِ النَّوْحِ عَلَى أَبِي بَكْرٍ، فَأَبَيْنَ أَنْ يَنْتَهِينَ، فَقَالَ لِهِشَامِ بْنِ الْوَلِيدِ: أَخْرِجْ إِلَيَّ ابْنَةَ ... أَبِي قُحَافَةَ، فَعَلَاهَا بِالدِّرَّةِ ضَرَبَاتٍ، فَتَفَرَّقَ النَّوَائِحِ حِينَ سَمِعْنَ ذَلِكَ" (١).

قالوا: قال الحافظ في الفتح بعد أن ذكره البخاريّ تعليقًا: "وَقَدْ أَخْرَجَ عُمَرُ أُخْتَ أَبِي بَكْرٍ حِينَ ناحت وَصله ابن سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيّبِ، قَالَ: لمَّا تُوُفِّيَ أَبُو بَكْرٍ أَقَامَتْ عَائِشَةُ عَلَيْهِ النَّوْحَ ... " (٢).

قلت: في البخاري: "وَقَدْ أَخْرَجَ عُمَرُ أُخْتَ أَبِي بَكْرٍ حِينَ نَاحَتْ" ذكره هكذا تعليقًا في كتاب الخصومات، وفي كتاب الأحكام، ولم يزد على أنَّ أخت ... أبي بكر (أمّ فَرْوَة - رضي الله عنها -) - لا عائشة - رضي الله عنها - رفعت صوتها بالبكاء على أخيها فنهاها عمر - رضي الله عنه - عن ذلك.

وأمَّا رواية ابن سعد في الطَّبقات، فإنَّ سَعِيدَ بْنَ المُسَيّب لَمْ يَسْمَعْ مِنْ


(١) ابن سعد "الطّبقات الكبرى" (ج ٣/ص ٢٠٨).
(٢) ابن حجر "فتح الباري" (ج ٥/ص ٧٤).

<<  <   >  >>