للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رضي الله عنه -، فالسَّند مرسل مُنْقَطِعٌ، وفيه علَّة غير إرسال سعيد، وهي رواية يونس بن يزيد بن أبي النِّجاد الأَيلي، قال عنه الحافظ: "ثقة إلَّا أنَّ في روايته عن الزّهري وهمًا قليلًا، وفي غير الزّهري خطأ" (١)، وقَالَ المَيْمُونِيّ: "سُئِلَ أَحْمد من أثبت فِي الزُّهْرِيّ؟ قَالَ: معمر، قيل: فيونس، قَالَ: روى أَحَادِيث مُنكرَة" (٢).

ولعلَّ هذه الرِّواية من منكراته؛ لأنَّ فيها زِرَايَة على عائشة - رضي الله عنها -، وعائشة أتقى لله تعالى من أن تقيم النّوح، وأكمل عقلًا مِنْ أن يقع لها مثل هذه القصَّة، وعمر أَتْقَى لله وَأَخْشَى من أن يضرب أمَّ المؤمنين ولا يعرف لها حرمة كما زعموا.

ويردُّ هذه الرِّواية أنْ تعلم أنَّ عائشة - رضي الله عنها - ممَّن روى زجر النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - عن نياحة النِّساء على موتاهنَّ، فلمّا جاء نَعْيُ زيد وجعفر وابن رواحة، ناحت نساء جعفر عليه، فلمّا نَهَاهُنَّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبَيْنَ، دعت عائشة، وقالت: "أَرْغَمَ الله بِآنَافِهِنَّ".

عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: "لمَّا جَاءَ نَعْيُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، وَجَعْفَرٍ، وَعَبْدِ الله بْنِ رَوَاحَةَ جَلَسَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، يُعْرَفُ فِي وَجْهِهِ الْحُزْنُ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: هَذِهِ نِسَاءُ جَعْفَرٍ يَنُحْنَ عَلَيْهِ، وَقَدْ أَكْثَرْنَ بُكَاءَهُنَّ، قَالَ: فَأَمَرَهُ أَنْ يَنْهَاهُنَّ، فَمَكَثَ شَيْئًا ثُمَّ رَجَعَ، فَذَكَرَ أَنَّهُ نَهَاهُنَّ، فَأَبَيْنَ أَنْ يُطِعْنَهُ، فَأَمَرَهُ الثَّانِيَةَ أَنْ يَنْهَاهُنَّ، قَالَ: فَذَكَرَ أَنَّهُ قَدْ غَلَبْنَهُ قَالَ: فَاحْثُ فِي وُجُوهِهِنَّ التُّرَابَ. قَالَتْ عَمْرَةُ: فَقَالَتْ عَائِشَةُ عِنْدَ ذَلِكَ: أَرْغَمَ الله بِآنَافِهِنَّ، والله مَا تَرَكْتَ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، وَمَا أَنْتَ بِفَاعِلٍ" (٣).


(١) ابن حجر "تقريب التّهذيب" (ص ٦١٤/رقم ٧٩١٩).
(٢) ابن حجر "تهذيب التّهذيب" (ج ١١/ص ٤٥١).
(٣) ابن حبّان "صحيح ابن حبّان" (ج ٧/ص ٤١٧/رقم ٣١٤٧) إسناده صحيح.

<<  <   >  >>