فهَوِّنْ عَلَيْكَ ولا تولع بأحزان ولا تظلّ رهينًا؛ فأَيُّ كريمٍ أَخْطَأَتْه الحَبائلُ، أو سالمته القواصم، وما نزلت به القَوارِعُ؟! وأي حزين على ميِّته بقي بعده ولم يلحق به؟! فالأَمْر إِذا تَمَّ دنَا نَقْصُه، فَالْكُلُّ مفارق، سابق ولاحق، أَفَإِنْ عاد أحد إلى بطن الأرض، فَأَنْتَ باق على ظهرها؟!
فَهَلَّا رضينا بقضاء قد سَرَى، وصبرنا على ما قدَّر وقضى، واعتبرنا بِمَنْ قضى ومضى، فليس وراءَ ذلك وَايْمُ الله مِنْ خير.
فيا للنَّاس في غَفَلاتِهِمْ، كيف لا ينهاهم نُهَاهُمْ عن التَّسَخُّطِ عَلَى قدر الله تعالى الفعَّال لما يريد، الَّذي {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (٢٣)} [الأنبياء]! لا حَسْرَة وربِّي تنفع ولا جَزَع يشفع إذا ذكرت مَنْ ليس له إلى الدُّنيا مُرْتَجَعٌ،؛ فكلّ جديد لا أبا لك يمسي باليًا، فما البكاء على ميّت أصبح في قبره ثاويًا؟! سيَلْحَقُ آخِرُنَا بِأَوَّلِنَا، ويلقى مَنْ يَبْقَى ما لقي مَنْ مَضى.
نيطوها في رقبتي واعْصِبُوهَا برأسي، واحملوا النَّاس على أن يقولوا: بَرَدَ قلبُه رجاءَ رَحْمَةِ ربِّه، ولا تجمعوا بين مصيبتين: مصيبة الموت، ومصيبة ذهاب الأجر، فالجزع لا يردُّ المصائب وإنّما يضاعفها، وشفاء النَّفس ليس بالتَّندُّم.
إنَّ الموت وعد موعود، وورد مورود، فما الجزعُ مِنْ قَدَر مقدور؟! وما الطَّمع في دنيا غرور، كلّ ما فيها يزول!
أَلَا يا قومي، إِنَّ الله تعالى قد بَيَّنَ في كتابه صفات عباده بيانًا، فقال: