حِينَ تُوُفِّيَ، قَالَ: فَلَمَّا صَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وَوُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَسُوِّيَ عَلَيْهِ، سَبَّحَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَسَبَّحْنَا طَوِيلًا، ثُمَّ كَبَّرَ فَكَبَّرْنَا، فَقِيلَ: يَا رَسُولَ الله، لِمَ سَبَّحْتَ؟ ثُمَّ كَبَّرْتَ؟ قَالَ:"لَقَدْ تَضَايَقَ عَلَى هَذَا الْعَبْدِ الصَّالِحِ قَبْرُهُ حَتَّى فَرَّجَهُ اللهُ عَنْهُ"(١).
لكن الّذي لا ريب فيه أنَّ المسيئين والمحسنين لا يَسْتَوُونَ محيًا ولا مماتًا، لا
في ضمَّة القبر ولا في غيرها، قال تعالى: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ (٢١)} [الجاثية].
وَقد أنكر الله تَعَالَى على من نَسَبَ إِلَى حكمته التَّسْوِيَة بَيْنَ المسلمين والمجرمين، والمصلحين والمفسدين، والمتَّقين والفجَّار، فقال تعالى: {أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (٣٥) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (٣٦)} [القلم]، وقال تعالى: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ (٢٨)} [ص]، وقال تعالى: {أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (٦١)} [القصص].
ومعيَّة الله تعالى للمتَّقين والمحسنين، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ (١٢٨)} [النّحل]، فمن يتق الله فإنَّ الله تعالى معه في يومه وغده، وأُولَاهُ وَأُخْرَاهُ.
بقي أن ننبّه إلى ما أخرجه ابن سعد مرسلًا من حديث سَعِيدٍ المقْبُرِيِّ بزيادة
(١) أحمد "المسند" (ج ٢٣/ص ١٥٨/رقم ١٤٨٧٣) إسناده حسن.