للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنها ما روي عن مُحَمَّد بن عون، عن يحيى بن يمَان، عَن عبد الله بن سمْعَان، عَن زيد بن أسلم عَن عَائِشَة حي على الفلاح، قَالَت: قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَا من رجل يزور قبر أَخِيه وَيجْلس عِنْده إِلَّا استأنس بِهِ ورد عَلَيْهِ حَتَّى يقوم" (١).

قلت: وقد تظاهرت الأدلَّة على عدم سماع الأموات كلام الأحياء، وأظهرها قوله تعالى خطابًا لنبيِّه: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى ... (٨٠)} [النّمل]، وقوله تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ (٢٢)} [فاطر].

وعنْ عَبْدِ الله بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ لله - عز وجل - مَلَائِكَةً سَيَّاحِينَ فِي الْأَرْضِ، يُبَلِّغُونِي مِنْ أُمَّتِي السَّلَامَ" (٢)، فالنَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لا يسمع السّلام، وإنَّما تبلِّغه إيَّاه ملائكة سيَّارون في الأرض، فإذا كان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لا يسمع سلام مَنْ سَلَّمَ عليه مِنْ أمَّته، فغيره من الموتى أحرى بعدم السَّماع، وهذا يبيّن لك ضلال مَنْ يستغيث بالموتى ليس لأنَّهم لا يسمعون فحسب، وإنَّما لأنَّهم لا يملكون


(١) ابن قيّم الجوزيّة "الرّوح" (ص ٥) وذكر أنّه رواه ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ " الْقُبُورِ". قلت: ولم أجده في كتاب القبور، وإنّما وجدته في كثير من المصنّفات معزوّا لابن أبي الدّنيا كما في الرّوح، والحديث ضعيف جدًّا؛ في سنده يحيى بن يمان العجلي صدوق عابد يخطئ كثيرًا وقد تغيّر، كذا قال الحافظ في "تقريب التّهذيب" (ص ٥٩٨/رقم ٧٦٧٩)، وفي سنده عبد الله بن زياد بن سليمان بن سمعان [ينسب إلى جده كثيرًا] متروك اتّهمه بالكذب أبو داود وغيره "تقريب التّهذيب" (ص ٣٠٣/رقم ٣٣٢٦). وقال الحافظ ابن رجب في "أهوال القبور" (ص ٨٦): رواه عبد الله عن ابن سمعان وهو متروك.
(٢) أحمد "المسند" (ج ٧/ص ٣٤٣/رقم ٤٣٢٠) إسناده صحيح على شرط مسلم.

<<  <   >  >>