للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والظَّنُّ نوعان: حسن مُنْجٍ، وقبيح مُرْدٍ، فالأوّل: مثل قوله تعالى: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (٤٦)} [البقرة]، وقوله: {إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (٢٠)} [الحاقة]، والثّاني: قوله تعالى: {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٢٣)} [فصّلت].

فتَحْسِين الظَّنِّ بالله تَعَالَى مَنْدُوبٌ لِلْمَرِيضِ، خاصّة المريض مرض الموت، واليأس من رحمة الله ذنب عظيم، قال تعالى: {وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (٨٧)} [يوسف]، وقال تعالى: {قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ (٥٦)} [الحجر].

ثالثًا: أن يكون بين الخوف والرّجاء

عَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه -، أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَلَى شَابٍّ وَهُوَ فِي المَوْتِ، فَقَالَ: ... "كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قَالَ: والله يَا رَسُولَ الله، إِنِّي أَرْجُو الله، وَإِنِّي أَخَافُ ذُنُوبِي، فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: لَا يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْبِ عَبْدٍ فِي مِثْلِ هَذَا المَوْطِنِ إِلَّا أَعْطَاهُ الله مَا يَرْجُو وَآمَنَهُ مِمَّا يَخَافُ" (١).

وقد امتدح الله تعالى أهل الخوف والرّجاء، فقال: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ... (٩)} [الزّمر].


(١) التّرمذي "سنن التّرمذي" (ص ٢٣٤/رقم ٩٨٣) وقال أبو عيسى: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَقَدْ رَوَى بَعْضُهُمْ هَذَا الحَدِيثَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - مُرْسَلًا. وحسّنه الألباني في "المشكاة" (ج ١/ص ٥٠٦/رقم ١٦١٢)، وفي "الأحكام" (ص ٣).

<<  <   >  >>