للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَلَيْهِ، فالشّيطان حريص على أن لا تفلت منه إذ حضرتك الوفاة، وأن يتخبَّطك عند مغادرة الدّنيا، وأن يلقي الباطل في قلبك ويجريه على لسانك، فيحول بينك وبين التّوبة، ويخوفك اللهَ خَوْفًا يُؤَيِّسُكَ مِنْ رَحْمَتِهِ، ويكرِّه لك الموت ولقاء الله تعالى، ويجعلك تتأسّف على الحياة الدّنيا ومَنْ فيها، حتّى يُختَم لك بِسُوءِ. ولذلك حذَّرالنَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْهُ ونبَّه عَلَى مُلَازَمَتِهِ لِلْإِنْسَانِ ما دامت روحه في جسده؛ لنتَأَهَّبَ ونَحْتَرِزَ مِنْهُ، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ إِبْلِيسَ قَالَ لِرَبِّهِ: بِعِزَّتِكَ وَجَلَالِكَ لَا أَبْرَحُ أُغْوِي بَنِي آدَمَ مَا دَامَتِ الْأَرْوَاحُ فِيهِمْ، فَقَالَ لَهُ اللهُ: فَبِعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا أَبْرَحُ أَغْفِرُ لَهُمْ مَا اسْتَغْفَرُونِي" (١).

تاسعًا: أن يكتب وصيّته ويشهد عليها

على مَنْ أوشك على الموت ولم يكتب وصيّته أن يكتبها، قال تعالى: ... {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ (١٨٠)} [البقرة]، وَيُسْتَحَبّ تَعْجِيلُهَا، أي أن يَكْتُبَهَا فِي صِحَّتِهِ، لقول النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ، يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ " (٢).

وقَالَ عَبْدُ الله بْنُ عُمَرَ: "مَا مَرَّتْ عَلَيَّ لَيْلَةٌ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ ذَلِكَ إِلَّا وَعِنْدِي وَصِيَّتِي" (٣).


(١) أحمد "المسند" (ج ١٧/ص ٣٤٤/رقم ١١٢٤٤) حديث حسن.
(٢) البخاريّ "صحيح البخاريّ" (ج ٤/ص ٢/رقم ٢٧٣٨) كِتَابُ الوَصَايَا.
(٣) مسلم "صحيح مسلم" (ج ٣/ص ١٢٥٠) كِتَابُ الْوَصِيَّةِ.

<<  <   >  >>