جائزة بضوابطها، ولكنَّها فِي حَالِ الصِّحَّةِ أَفْضَل.
ولمّا سمع الصّحابة - رضي الله عنهم - قوله تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً ... (٢٤٥)} [البقرة]، بَادَرُوا بأموالهم، جاء رجل إلى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يشكو له أنَّه يريد أن يقيم حائطه، ولجاره نخلة لا يصلح حائطه إلّا بها، فعَرَضَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى صَاحِبِ النَّخْلَةِ نَخْلَةً فِي الْجَنَّةِ، فَأَبَى، فَاشْتَرَاهَا أَبُو الدَّحْدَاحِ - رضي الله عنه - بِبُسْتَانٍ لَهُ، وأقرضها لله تعالى.
عَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه -، أَنَّ رَجُلًا قَالَ:"يَا رَسُولَ الله، إِنَّ لِفُلَانٍ نَخْلَةً، وَأَنَا أُقِيمُ حَائِطِي بِهَا، فَأْمُرْهُ أَنْ يُعْطِيَنِي حَتَّى أُقِيمَ حَائِطِي بِهَا، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: أَعْطِهَا إِيَّاهُ بِنَخْلَةٍ فِي الْجَنَّةِ، فَأَبَى، فَأَتَاهُ أَبُو الدَّحْدَاحِ فَقَالَ: بِعْنِي نَخْلَتَكَ بِحَائِطِي (بُسْتَانِي). فَفَعَلَ، فَأَتَى النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، إِنِّي قَدِ ابْتَعْتُ النَّخْلَةَ بِحَائِطِي. قَالَ: فَاجْعَلْهَا لَهُ، فَقَدْ أَعْطَيْتُكَهَا. فَقَالَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: كَمْ مِنْ عَذْقٍ (نخلة) رَدَاحٍ ... (مثقلة حملًا) لِأَبِي الدَّحْدَاحِ فِي الْجَنَّةِ. قَالَهَا مِرَارًا. قَالَ: فَأَتَى امْرَأَتَهُ فَقَالَ: يَا ... أُمَّ الدَّحْدَاحِ اخْرُجِي مِنَ الْحَائِطِ، فَإِنِّي قَدْ بِعْتُهُ بِنَخْلَةٍ فِي الْجَنَّةِ. فَقَالَتْ: رَبِحَ الْبَيْعُ. أَوْ كَلِمَةً تُشْبِهُهَا"(١).
ولمّا مات أَبُو الدَّحْدَاحِ - رضي الله عنه - صَلَّى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - عليه وتبع جنازته، ثمّ أُتِيَ بِفَرَسٍ لا سَرْج عليه، فَرَكِبَهُ، فسمعه رَجُلٌ يعيد تلك العبارة.
عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ - رضي الله عنه -، قَالَ: "صَلَّى رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - عَلَى ابْنِ الدَّحْدَاحِ،
(١) أحمد "المسند" (ج ١٩/ص ٤٦٥/رقم ١٢٤٨٢) إسناده صحيح على شرط مسلم.