والشُّبُهاتُ الكلاميَّةُ والفِكْريَّةُ التي تَستجلِبُها العقولُ، وتَضَعُها في سياقاتٍ غيرِ سياقاتِها، ثُمَّ تخرُجُ بنتيجةٍ تظنُّها كاملةً، وتضَعُها في موضعٍ ليس لها -: يقَعُ بِسَبَبِها الضلالُ، ويُنفَى الحقُّ، ويُثبَتُ الباطلُ، وأشَدُّ ذلك وأعظَمُهُ: ما كان متعلِّقًا بحقِّ اللهِ تعالى وذاتِه.
والجَهْمِيَّةُ القائِلُونَ بنفيِ علوِّ الله، وأنَّه في كُلِّ مكانٍ، ولا يَخلُو منه مكانٌ: يتناقَضُونَ مع أصولِهم العقليَّةِ، والأدلَّةِ النقليَّة؛ فهم يُقِرُّونَ أنَّ اللهَ كان ولا شيءَ قَبْلَه، ثم خلَقَ الخَلْقَ، ولكنْ لا يَدرُونَ أَيْنَ خلَقَهُم؟ ! فإمَّا أن يقولوا: إنَّ اللهَ خلَقَ الخَلْقَ داخِلَ نَفْسِهِ سبحانه، أو خلَقَهُمْ خارِجًا عنها:
فالأوَّلُ: كُفْرٌ؛ إذْ كيفَ يخلُقُ اللهُ خَلْقَهُ في نَفْسِه؛ فتكونَ مَحَلًّا للحوادثِ التي يَنفُونَها فيه، ومحلَّا لخَلْقِ اللهِ مِن الشرورِ والخُبْثِ والشياطينِ؟ ! تعالى اللهُ!
وإنْ قالوا: بأنَّ اللهَ خلَقَهُمْ خارِجَ نَفْسِه، ثمَّ دخَلَ فيهم، أو دخَلُوا فيه، فقد أقَرُّوا بمكانٍ ليس فيه اللهُ عند الخَلْقِ.