للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما ذكَرَ ذلك: أبو الحَجَّاجِ بن طمْلُوسٍ (١)، والناصِريُّ (٢)، وابنُ خَلْدونَ (٣)، وابنُ تيميَّة (٤).

ولم يكنِ ابنُ تُومَرْتَ يدَّعي الاعتزالَ، وقد نسَبَهُ إلى الأشعريَّةِ جماعة؛ كالسُّبْكيِّ (٥) وغيرِه، وربَّما نسَبَهُ إلى الاعتزالِ بعضُ مَن يَستبشِعُ أفعالَهُ وظُلْمَهُ وبغيَهُ مِن الأشاعرة، وعلمُ الكلامِ سبَقَ إليه المعتزِلةُ، ومنهم أخَذَهُ الأشاعرة، والاعتزالُ فكرٌ انتشَرَ في طوائفَ، وليست جماعةً منتظِمةً لها أصولُها وفروعُها؛ لأنَّ الاعتزالَ علمٌ كلاميٌّ، وقد تغلغَلَ في الرافضةِ والزيديةِ والإباضية، والأشاعِرةِ وغيرِهم.

والمذهبُ الأشعريُّ تدرَّج حتى آلَ إلى ما آلَ إليه، ولم يكنْ أئمَّتُهُ في المُبتدَى كأئمَّتِهِ في المُنتهَى، ومذهبُ المتأخِّرينَ غيرُ مذهبِ المتقدِّمين.

وعلمُ العقائدِ علمٌ ثابتٌ لا يَتوسَّعُ كعلمِ الفقهِ، وإنما اتسَعَ لدى المتكلِّمينَ وتدرَّجوا في تطويرِهِ؛ لأنَّهم أَجرَوْا فيه علمَ الكلامِ، كما أجرى الفقهاءُ في الفقهِ علمَ الرأي.

فالمتقدِّمونَ الأشعريُّ وأصحابُهُ؛ كأبي الحسَنِ الطَّبَريِّ، وابنِ مجاهِدٍ، وتلامذتِهما؛ كالقاضي الباقِلَّانِيِّ: يُثبِتُونَ الصفاتِ الخَبَريَّةَ، ولا يتأوَّلونها؛ كالوجهِ واليد، والعلوِّ والاستواء، وأمَّا الطَّبَقةُ التي تليهم؛ كالجُوَيْنِيِّ، والغَزَاليِّ، فيَنفُونَها.

والأشاعِرةُ منهَجٌ قبلَ أبي الحسَنِ الأشعريِّ، وإنْ سُمِّيَ به، وهو


(١) "المدخل لصناعة المنطق" (ص ١٠).
(٢) "الاستقصا" (١/ ١٩٦).
(٣) "تاريخ ابن خلدون" (٦/ ٣٠١ - ٣٠٢).
(٤) "مجموع الفتاوى" (١١/ ٤٧٦).
(٥) "طبقات الشافعية الكبرى" (٦/ ١٠٩ و ٨/ ١٣٨).

<<  <   >  >>