للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* قَالَ ابْنُ أَبي زَيْدٍ: (مِمَّا تَنْطِقُ بِهِ الأَلْسِنَهْ، وَتَعْتَقِدُهُ القُلُوبْ، وَتَعْمَلُهُ الجَوَارِحْ، وَمَا يَتَّصِلُ بِالوَاجِبِ مِنْ ذَلِكَ مِنَ السُّنَنِ؛ مِنْ مُؤَكَّدِهَا وَنَوَافِلِهَا، وَرَغَائِبِهَا وَشَيْءٍ مِنَ الآدَابِ مِنْهَا، وَجُمَلٍ مِنْ أُصُولِ الفِقْهِ وَفُنُونِهْ؛ عَلَى مَذْهَبِ الإِمَامِ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وَطَرِيقَتِهْ):

والمقصودُ بشرحِنا هنا: هو لمعتَقَدِ المؤلِّفِ في صدرِ رسالتِه، فإنه قد أَتبَعَ معتقَدَهُ أحكامَ الفقهِ وتفاصيلَه، ومحَلُّ الكلامِ عليها غيرُ هذا الكتاب.

* * *

* قَالَ ابْنُ أَبي زَيْدٍ: (مَعَ مَا سَهَّلَ سَبِيلَ مَا أَشْكَلَ مِنْ ذَلِكَ؛ مِنْ تَفْسِيرِ الرَّاسِخِينْ، وَبَيَانِ المُتَفَقِّهِينْ؛ لِمَا رَغِبْتَ فِيهِ مِنْ تَعْلِيمِ ذَلِكَ الْوِلْدَانْ، كَمَا تُعَلِّمُهُمْ حُرُوفَ القُرْآنْ؛ لِيَسْبِقَ إِلَى قُلُوبِهِمْ مِنْ فَهْمِ دِينِ اللهِ وَشَرَائِعِهْ: مَا تُرْجَى لَهُمْ بَرَكَتُهْ، وَتُحْمَدُ لَهُمْ عَاقِبَتُهْ؛ فَأَجَبْتُكَ إِلَى ذَلِكَ؛ لِمَا رَجَوْتُهُ لِنَفْسِي وَلَكَ مِنْ ثَوَابِ مَنْ عَلَّمَ دِينَ اللهِ أَو دَعَا إِلَيْهِ):

لقد يسَّر اللهُ كلامَهُ لمن يريدُ فهمَهُ مِن العرَبِ وممَّن عرَفَ لسانَهُمْ عْيرَهم؛ قال تعالى: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: ١٧]، وجعَلَهُ سهلًا بيِّنًا، لا يحولُ بينه وبين فهمِهٍ إلا إعراضُ قلبِهِ وانصرافُهُ عن الحقّ، ومِثْلُ هذا لو سَمِعَ الحقَّ، لم يَنتفِعْ به، ويكونُ سماعُهُ كسماعِ الأَصَمِّ: {وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ} [الأنفال: ٢٣].

وربَّما نظَرَ مَن في قلبِهِ مرَضٌ في القرآن، وتتبَّعَ المتشابِهَ، فزاد زَيْغُهُ؛ لأنَّه طلَبَ الزيغَ بنفسِه، واللهُ لا يبتدِئُ أحدًا بإزاغةٍ: {فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} [الصف: ٥].

<<  <   >  >>