ولا يَصرِفُ أحدًا عن الحقِّ وهو يريدُهُ:{ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ}[التوبة: ١٢٧]، ولا يَقذِفُ في قلبِ أحدٍ مرضًا أو رِجْسًا إلا وهو يطلُبُ المرَضَ والرِّجْسَ:{فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا}[البقرة: ١٠]، وقال:{وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ}[التوبة: ١٢٥]، ومَن كان في قلبِهِ قصدُ الخَيْرِ وطلبُهُ، فإنَّ اللهَ يَهدِيه:{وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ}[الأنفال: ٢٣]، وإذا كان الإنسانُ كلَّما قرَأَ الأدلَّةَ، ازداد غيًّا وانحرافًا، فالعيبُ في قصدِهِ ومرَضِ قلبِه، لا في الأدلَّة.
ويَنشَأُ الصغيرُ على الفِطْرة، وتقبُّلِ الحقِّ والاتجاهِ إليه، واستنكارِ الباطلِ والنُّفْرةِ منه، ولكنَّه قد يتوطَّنُ على الشرِّ؛ إذا تدرَّج فيه؛ كما قال -صلى الله عليه وسلم-: (مَا مِنْ مَوْلُودٍ إلَّا وَيوُلَدُ عَلَى الفِطْرَةِ؛ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَو يُمَجِّسَانِهِ ... )(١).
وتعليمُ الوِلْدانِ الحقَّ والخيرَ واجبٌ، وهو حقٌّ لهم على وليِّهم، ويَتأكَّدُ ذلك في الأزمِنةِ التي يكثُرُ فيها الشرُّ؛ فيجبُ أن يُسبَقَ بالخيرِ إلى قلوبِهم قبلَ أن يَسبِقَ إليهم الشرُّ؛ فيتقبَّلُونَهُ ويتشرَّبونه.
* * *
(١) البخاري (١٣٥٨)، ومسلم (٢٦٥٨) من حديث أبي هريرة.