للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجاء في معنى ذلك: حديثٌ في صِفَةِ التجلِّي؛ مِن حديثِ أنَسٍ عندَ التِّرْمِذيِّ (١)، وفي صفةِ القبضِ للأرضِ والطَّيِّ للسمواتِ؛ مِن حديثِ ابنِ عُمَرَ عند أحمدَ (٢)، وأصلُهُ في مسلِم (٣)، وفي وضعِ الأرضِ على إصبَعٍ، والسماءِ على إِصْبَعٍ؛ مِن حديثِ ابنِ عبَّاسٍ عند أحمدَ والتِّرْمِذيِّ (٤)، وبنحوِهِ مِن حديثِ ابنِ مسعودٍ (٥)، وأصلُهُ في البخاريِّ (٦)، وقد حدَّث به يحيى بنُ سعيدٍ أحمدَ بنَ حنبلٍ وأشارَ بإصبعِه، وحدَّث به أحمدُ ابنَه عبدَ الله وأشار بإصبعِه (٧).

وهذه الأحاديثُ لا تَخفَى على الأئمَّةِ؛ كمالكٍ، وأحمدَ؛ كيف وقد رَوَوْا بعضَها، ويَعلَمُونَ المقصودَ منها.

ومع ذلك: فإنَّهم نهَوْا عن الإشارةِ باليَدِ عند الحديثِ عن صفاتِ الرَّبِّ؛ لاختلافِ الفهم، وضعفِ اللسانِ؛ فتَبِعَها ضعفُ إدراكِ المعنى المراد، وربَّما اختلَفَ قولُهم مِن حالٍ إلى حال، ومِن سياقٍ إلى سياق؛ وقد قال مالكٌ: "مَن وصَفَ شيئًا مِن ذاتِ اللهِ؛ مثلُ قولِهِ: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} [المائدة: ٦٤]، وأشار بيَدِهِ إلى عُنُقِه، ومثلُ قولِهِ: {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: ١١]، فأشارَ إلى عَيْنَيْهِ وأذُنَيْهِ، [أو شَيْءٍ] مِن بدَنِهِ -: قُطِعَ ذلك منه؛ لأنَّه شَبَّهَ اللهَ بِنَفْسِه" (٨).

وقد قرَأَ رجلٌ عند أحمدَ قولَهُ تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ


(١) الترمذي (٣٠٧٤).
(٢) أحمد (٢/ ٧٢) رقم (٥٤١٤).
(٣) مسلم (٢٧٨٨).
(٤) أحمد (١/ ٢٥١ و ٣٢٤ رقم ٢٢٦٧ و ٢٩٨٨)، والترمذي (٣٢٤٠).
(٥) أحمد (١/ ٣٧٨ و ٤٢٩ و ٤٥٧ رقم ٣٥٩٠ و ٤٠٨٧ و ٤٣٦٨)، والترمذي (٣٢٣٨ و ٣٢٣٩).
(٦) البخاري (٤٨١١)، ومسلم (٢٧٨٦).
(٧) "السُّنَّة" لعبد الله (٤٨٩).
(٨) "التمهيد" (٧/ ١٤٥).

<<  <   >  >>