للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قصروا في هذا الباب زائدين فيه أو ناقصين عنه.

ثم من المحال -أيضًا- أن تكون القرون الفاضلة القرن الذي بعث فيهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم كانوا غير عالمين وقائلين في هذا الباب بالحق المبين لأن ضد ذلك إما عدم العلم والقول، وإما اعتقاد نقيض الحق وقول خلاف الصدق وكلاهما ممتنع.

أما الأول فلأن من في قلبه أدنى حياة وطلب للعلم ونهمة للعبادة يكون البحث عن هذا الباب والسؤال عنه ومعرفة الحق فيه من أكبر مقاصده وأعظم مطالبه -أعني بيان ما يعتقده- لا كيفية الرب تعالى وكيفية صفاته. وليست النفوس الصحيحة إلى شيء أشوق منها إلى معرفة هذا الأمر (وهذا أمر) (١) معلوم بالفطرة الوجدانية (٢)، فكيف يتصور مع قيام هذا المقتضى الذي هو من أقوى المقتضيات أن يتخلف عنه مقتضاه في أولئك السادة في مجموع عصورهم، هذا لا يكاد يقع في أبلد الخلق وأشدهم إعراضًا عن اللَّه وأعظمهم إكبابًا على طلب الدنيا والغفلة عن ذكر اللَّه فكيف يقع في أولئك وأما كونهم كانوا معتقدين فيه غير الحق أو قائليه فهذا لا يعتقده مسلم ولا عاقل عرف حال القوم.

ثم الكلام عنهم في هذا الباب أكثر من أن يمكن سطره (٣) في مثل هذا المختصر، يعرفه من تتبعه وطلبه، فزعم من زعم أن الخلف أعلم من السلف غباوة وجهل بقدر القوم بل ذلك جهل بمعرفة اللَّه ورسوله والمؤمنين به فإن حقيقة المعرفة المأمور بها في طريقة السلف ونهجهم أسلم وأعلم وأحكم.


(١) زيادة من الحموية وبها يستقيم الكلام.
(٢) في النسختين: الوجدية وما أثبتناه من الحمويه.
(٣) في "ظ": تسطيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>