للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن سلب القدرة المعتادة أن يقول رجل: معجزتي أنكم كلكم لا يقدر أحد منكم على الكلام، ولا على الأكل والشرب، فإن المنع من المعتاد كإحداث غير المتعاد فهذا من أبلغ الخوارق.

وإن كانوا عاجزين ثبت أنه خارق للعادة فثبت خرق العادة على تقدير النقيضين النفي والإثبات.

فثبت أنه من العجائب الناقضة للعادة في نفس الأمر، قال شيخ الإسلام قدس اللَّه روحه (١): فهذا غاية التنزل وإلا فالصواب المقطوع به أن الخلق كلهم عاجزون عن معارضته، لا يقدرون على ذلك. قال: بل ولا يقدر محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- من تلقاء نفسه أن يبدل سورة من القرآن، بل يظهر الفرق بين القرآن وبين سائر كلامه لكل من له أدنى تدبر كما أخبر تعالى فى قوله: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (٨٨)} [الإسراء: ٨٨].

قلت: وفى شفاء القاضي عياض (٢) ميل للقول بالصرفة (٣).


(١) الجواب الصحيح (٤/ ٧٦)؛ ولوامع الأنوار (١/ ١٧٥).
(٢) القاضي عياض بن موسى بن عياض بن عمرون اليحصبي السبتي أبو الفضل، عالم المغرب، إمام أهل الحديث في وقته، كان من أعلم الناس بكلام العرب وأنسابهم وأيامهم، مولده بمدينة سبته وتولى القضاء فيها، ثم قضاء غرناطة، ثم توفى بمراكش مسمومًا وقيل: سمه يهودي سنة ٥٤٤ هـ، وقد جمع المقرئ سيرته وأخباره في كتاب "أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض" ط. ولولده أبي عبد اللَّه محمد التعريف بالقاضي عياض طبع أيضًا.
أنظر: سير أعلام النبلاء (٢٠/ ٢١٢)؛ والأعلام (٥/ ٩٩).
(٣) انظر: الشفا للقاضي عياض (١/ ٣٧٣) وذكر أن الأشعري أيضًا ممن يقول بالصرفة.
وقال القاري: وهو -القول بالصرفة- قول مرجوح عند أكابر الأئمة.
شرح الشفاء للقاري (٢/ ٧٨١، ٨٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>