للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مع أن هذا الحديث إنما يعرف عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما.

وأما الحديث الآخر فهو في الصحيح مفسرًا يقول اللَّه: "عبدي جعت فلم تطعمني، فيقول رب كيف أطعمك وأنت رب العالمين، فيقول: أما علمت أن عبدي فلانًا جاع، فلو أطعمته لوجدت ذلك عندي. عبدي مرضت فلم تعدني، فيقول رب كيف أعودك وأنت رب العالمين؟، فيقول: أما علمت أن عبدي فلانًا مرض فلو عدته لوجدتني عنده".

وهذا صريح في أن اللَّه تعالى وتقدس لم يجع ولم يمرض، ولكن جاع عبده ومرض فجعل جوعه جوعه، ومرضه مرضه، مفسرًا ذلك بأنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي، ولو عدته لوجدتني عنده، فلم يبق في الحديث لفظ يحتاج إلى تأويل، وأما قوله: "قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن" فإنه ليس في ظاهره أن القلب متصل بالإصبع، ولا مماس لها، ولا أنها في جوفه، ولا في قول القائل: هذا بين يدى ما يقتضي مباشرته ليديه، وإذا قيل السحاب المسخر بين السماء والأرض لم يقتض أن يكون مماسًا للسماء والأرض، ونظائر هذا كثيرة.

ومما يشبه هذا أن جعل اللفظ نظيرًا لما ليس مثله كما قيل في قوله: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: ٧٥]. فقيل هو مثل قوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا أَنْعَامًا} [يس: ٧١].

فهذا ليس مثل مذا لأنه هنا أضاف الفعل إلى الأيدى فصار شبيهًا بقوله: {مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ} [البقرة: ٧٩].

وهناك أضاف الفعل إليه فقال: {لِمَا خَلَقْتُ} ثم قال {بِيَدَيَّ} وأيضًا فإنه هنا ذكر نفسه المقدسة بصيغة المفرد، وفى اليدين ذكر لفظ التثنية كما في قوله تعالى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة: ٦٤].

<<  <  ج: ص:  >  >>