للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهناك أضاف الأيدي إلى صيغة الجمع فصار كقوله: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} [القمر: ١٤] وهذا في الجمع نظير قوله: {بِيَدِهِ الْمُلْكُ} [الملك: ١] و {بِيَدِكَ الْخَيْرُ} [آل عمران: ٢٦] في المفرد فاللَّه سبحانه يذكر نفسه تارة بصيغة المفرد، مظهرًا أو مضمرًا، وتارة بصيغة الجمع كقوله تعالى: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: ١١] وأمثال ذلك. ولا يذكر نفسه بصيغة التثنية قط، لأن صيغة الجمع تقتضي التعظم الذي يستحقه وربما تدل على معانى أسمائه، وأما صيغة التثنية فتدل على العدد المحصور وهو مقدس عن ذلك فلو قال: (ما منعك أن تسجد لما خلقت يدى) (١) كان (٢) كقوله: {مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} وهو نظير قوله: {بِيَدِهِ الْمُلْكُ} و {بِيَدِكَ الْخَيْرُ} ولو قال خلقت (بيدي) (٣) بصيغة الإفراد لكان. . . (٤) مع دلالة الأحاديث المستفيضة بل المتواترة وإجماع السلف على مثل ما دل عليه القرآن مثل قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "المقسطون عند اللَّه على منابر من نور عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين" (٥) كما تقدم وأمثال ذلك.

قال وإن كان القائل يعتقد أن ظاهر النصوص المتنازع في معناها من جنس ظاهر النصوص المتفق على معناها والظاهر هو المراد في الجميع فإن اللَّه تعالى لما أخبر أنه بكل شيء عليم وأنه على كل شيء قدير.

واتفق أهل السنة وأئمة المسلمين على أن هذا ظاهره، وأن ظاهر ذلك مراد كان


(١) كذا في الأصل وفي "ظ" والتدمرية: (بيدي).
(٢) كذا في النسخين وفي التدمرية: لما كان كقوله.
(٣) ليست في التدمرية.
(٤) كذا في النسختين ويظهر أن فيه سقطا وتمامه كما في التدمرية (ص ٣١) مفارقا له فكيف إذا قال (خلقت بيدي) بصيغة التثنية هذا مع دلالة الأحاديث. . . إلخ.
(٥) تقدم تخريجه، انظر: (١/ ٣١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>