لك عندي نصيحة. قال وما هي؟ قال: إن أردت أن يستقيم لك الأمر فاستعمل طلحة بن عبيد اللَّه رضي اللَّه عنه على الكوفة والزبير بن العوام رضي اللَّه عنه على البصرة، وابعث إلى معاوية بعهده على الشام حتى تلزمه طاعتك فإذا استقر قرارها رأيت فيه رأيك، فقال علي رضي اللَّه عنه أما طلحة والزبير فأرى رأيي فيهما وأما معاوية فما كنت متخذ المضلين عضدًا ولا واللَّه لا يراني ولا أراه ولا أستعين به ما دام على حاله ولكني أدعوه إلى ما عرفته فإن أجاب وإلا حاكمته إلى اللَّه ورسوله، فانصرف المغيرة مغضبًا وهو يقول:
نصحت عليًا في ابن هند مقالة ... فردت فلم يسمع لها الدهر ثانية
ويعلم أهل الشام أن قد ملكتهم ... وأم ابن هند عند ذلك هادية
فتحكم فيه ما تراه فإنه ... لداهية فارفق به أي داهية
فلم يقبل النصح الذي جئته به ... وكانت له تلك النصيحة كافية
ويروى أنه عاد إليه في اليوم الثاني فقال يا أمير المؤمنين فكرت فرأيت رأيك هو الصواب فلا تعدل عنه، فلما خرج دخل عبد اللَّه بن عباس على علي رضي اللَّه عنهم فقال له ما قال لك المغيرة؟ فقال: جاءني بالأمس بكذا واليوم بكذا، فقال ابن عباس: أما أمس فقد نصحك ولما لم تقبل غشك. . (١).
ولم يزل معاوية رضي اللَّه عنه قوليًا إلى أن مات وذلك أربعون سنة منها أربعة أو نحوها في أيام عمر ومدة خلافة عثمان، وخلافة علي وابنه الحسن رضي اللَّه عنهم
(١) هذه الروية أوردها الطبري في تاريخه بإسناد فيه الواقدي وهو متروك مما يدل على عدم صحتها وأن جانب الصحابة رضي اللَّه عنهم أبعد ما يكون من للغش والخديعة، انظر التعليق رقم (١) (٢/ ٣٦)؛ وانظر هذه الرواية في تاريخ الطبري (٤/ ٤٣٨ - ٤٣٩)، والبداية (٧/ ٢٢٨) والاستيعاب لابن عبد البر (١٠/ ١٩٠ - ١٩٢) وقد جاءت العبارة في "ظ" وراك لم تقبل غشك.