للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنه لم يسلم الأمر إليه الا لضرورة، لعلم الحسن بأن معاوية لا يسلم الأمر إليه وأنه قاصد للقتال وسفك الدماء إن لم يسلم الحسن إليه، فلم يترك الحسن الأمر (له) (١) إلا صونًا لدماء المسلمين وأهل الحق يردون هذا بأن الحسن كان هو الإمام الحق والخليفة الصدق، وقد كان معه من العدة والعدد ما يقاوم من مع معاوية فلم يكن نزوله عن الخلافة وتسليمه الأمر لمعاوية اضطراريًا بل كان اختياريًا كما يدل عليه ما في قصة نزوله له من اشتراطه عليه شروطًا كثيرة فالتزمها ووفى له بأكثرها أو كلها.

ومما يدل على صحة ذلك حديث البخاري عن أبي بكرة رضي اللَّه عنه رأيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- على المنبر والحسن بن علي إلى جنبه وهو يقبل على الناس مرة وعليه أخرى ويقول: "إن ابني هذا سيد ولعل اللَّه أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين". ورواه أبو داود والترمذي والنسائي.

وفى رواية الترمذي قال "صعد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- المنبر فقال: إن ابني هذا سيد يصلح اللَّه به بين فئتين عظيمتين" (٢) وقال هذا حديث حسن صحيح.

وفي رواية أبي داود قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- للحسن بن علي إن ابني هذا سيد وإني لأرجو أن يصلح له بين فئتين من أمتي" (٣).

فهذا مشعر بصحة نزول الحسن لمعاوية عن الخلافة، وإلا لو كان الحسن باقيًا على خلافته بعد نزوله عنها لم يقع بنزوله إصلاح ولم يحمد الحسن على ذلك، ولم يترج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مجرد النزول من غير أن يترتب عليه فوائده الشرعية وهو استقلال


(١) في "ظ": إليه.
(٢) ليست في "ظ".
(٣) البخاري في الصلح باب قول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- للحسن بن علي رضي اللَّه عنهما "ابني هذا سيد ولعل اللَّه أن يصلح به بين فئتين عظيمتين. . . " (ج ٥/ ٣٦١) رقم (٢٧٠٤)؛ وأبو داود رقم (٤٦٦٢)؛ والترمذي (٣٧٧٣)؛ والنسائي (٣/ ٨٧ - ٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>