للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: قد صرح في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه أن الوزن لنفس بدن الآدمي حيث قال: "إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند اللَّه جناح بعوضة" وتقدم (١).

فالجواب: أن هذا ضربه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- مثلا للذي يغتر ببعض الأجسام فهو كناية عن عدم الاكتراث بالأجسام، فإن اللَّه لا ينظر للأجسام والأموال، وإنما ينظر للقلوب والأعمال، فكم من جسم وسيم، وهو عند اللَّه من أصحاب الجحيم، وكم من حقير دميم، وهو من أهل القرب والنعيم (٢).


وقال: "رواه أحمد وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وبقية رجاله رجال الصحيح".
(١) انظر (٢/ ١٨٢).
(٢) يتلخص من كلام الشارح رحمه اللَّه أن العلماء اختلفوا في الموزون على ثلاثة أقوال:
١ - أن الموزون العامل مع عمله.
٢ - أن الموزون الأعمال نفسها.
٣ - أن الموزون صحائف الأعمال وهو الذي مال إليه المؤلف ورجحه واستدل له.
وهناك قول رابع، وهو أن الموزون هو العامل نفسه.
قال الحافظ بن كثير رحمه اللَّه في تفسيره (٣/ ٤٥٠ - ٤٥١) بحد أن ذكر الأقوال في الموزون، قال: "وقد يمكن الجمع بين هذه الآثار بأن يكون ذلك كله صحيحا، فتارة توزن الأعمال، وتارة توزن محالها، وتارة يوزن فاعلها. واللَّه أعلم. انتهى.
وقال الشيخ حافظ حكمي -رحمه اللَّه- في كتابه "معارج القبول" (٢/ ١٨٥): "والذي استظهر من النصوص -واللَّه أعلم- أن العامل وعمله وصحيفة عمله، كل ذلك موزن لأن الأحاديث التي في بيان القرآن قد وردت بكل من ذلك ولا منافاة يينها".
واستدل بالحديث الذي رواه أحمد وتقدم قبل قليل. ثم قال: "فهذا الحديث يدل على أن العبد يوضع هو وحسناته وصحيفتها في كفة وسيئاته مع صحيفتها في الكفة الأخرى، وهذا غاية الجمع في ما تفرق ذكره في سائر أحاديث الوزن، وللَّه الحمد والمنة" انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>