فموسى هو الصادق المصدوق يقول لفرعون؛ لقد علمت ما أنزل هؤلاء يعني الآيات البينات إلا رب السموات والأرض بصائر. فدل على أن فرعون كان عالمًا بأن اللَّه تعالى أنزل هذه الآيات، وهو من أكثر خلق اللَّه عنادًا وبغيًا وفسادًا لفساد إرادته وقصده لا لعدم علمه" (١).
قال شيخ الإسلام وهؤلاء غلطوا في أصلين:
أحدهما: أنهم ظنوا أن الإيمان مجرد تصديق وعلم فقط ليس معه عمل وحال وحركة وإرادة ومحبة وخشية، وهذا من أعظم غلط المرجئة مطلقًا، فإن أعمال القلوب التي يسميها بعض الصوفية أحوالًا ومقامات أو منازل السائرين إلى اللَّه أو مقامات العارفين أو غير ذلك كلما فيها مما فرضه اللَّه ورسوله فهو في الإيمان الواجب وكل ما فيه مما أحبه اللَّه ورسوله، ولم يفرضه فهو من الإيمان المستحب.
فالأول: لابد لكل مؤمن منه ومن اقتصر عليه فهو من الأبرار أصحاب اليمين.
والثاني: للمقربين السابقين.
والأصل الثاني: الذي غلطوا فيه: ظنهم أن كل من حكم الشارع أنه كافر مخلد في النار، فإنما ذاك لأنه لم يكن في قلبه شيء من العلم والتصديق.
وهذا أمر خالفوا فيه الحس والعقل والشرع وما أجمع عليه طوائف بني آدم السليمي الفطرة وجماهير النظار فإن الإنسان قد يعرف الحق مع غيره ومع هذا يجحد ذلك لحسده إياه أو لطلب علوه عليه أو لهوى النفس، ويحمله ذلك على أن يعتدى عليه ويرد ما يقول بكل طريق وهو في قلبه يعلم أن الحق معه وعامة من كذب الرسل علموا أن الحق معهم وأنهم صادقون لكن الحسد وإرادة العلو والرياسة