للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورسوله، ووجب على كل أمة التزام ما يأمر (١) به رسولهم مجملًا، فمعلوم أنه لم يجب في أول الأمر ما وجب بعد نزول القرآن كله ولا يجب على كل عبد من الإيمان المفصل مما أخبر به الرسول ما يجب على من بلغه خبره فمن عرف القرآن والسنن ومعانيهما لزمه من الإيمان المفصل بذلك ما لم يلزم غيره.

ولو آمن الشخص باللَّه والرسول باطنًا وظاهرًا ثم مات قبل أن يعرف شرائع الدين مات مؤمنًا بما وجب عليه من الإيمان وليس ما وجب عليه وما وقع منه مثل إيمان من عرف الشرائع فآمن بها وعمل بها بل إيمان هذا أكمل وجوبًا ووقوعًا.

وأما قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: ٣].

فالمراد في (٢) التشريع بالأمر والنهي لا أن كل واحد من الأمة وجب عليه ما يجب على سائر الأمة وأنه فعل ذلك، بل الناس متفاضلون في الإيمان أعظم تفاضل. ومنها الإجمال والتفصيل فيما وقع منهم فمن طلب علم التفصيل وعمل به فإيمانه أكمل ممن عرف ما يجب عليه والتزم به وأقر به ولم يعمل بذلك كله، وهذا الشخص المقر المقصر في العمل إنْ اعترف بذنبه وكان خائفًا من عقوبة ربه على ترك العمل أكمل إيمانًا ممن لم طب معرفة ما أمر به الرسول، ولا عمل بذلك ولا هو خائف أن يعاقب، بل هو في غفلة عن تفصيل ما جاء به الرسول مع أنه مقر بنبوته باطنًا وظاهرًا، فكل ما علم القلب بما جاء به الرسول فصدقه وما أمر به فالتزمه كان ذلك زيادة في إيمانه على من لم يحصل له ذلك، وإن كان معه إقرار عام وإلزام.

وكذلك من عرف أسماء اللَّه تعالى ومعانيها فآمن بها، كان إيمانه أكمل ممن لم


(١) في المخطوطتين (يؤمر به) والمثبت من كتاب الإيمان ص (٢١٩) وهو الصحيح.
(٢) في "ظ" بالتشريع؛ والمثبت من الأصل ومن الإيمان لابن تيمية (ص ٢١٩) ومنه ينقل المؤلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>